مخبوة لترذّلها ، اللهم إلّا الأولياء الذين اتّخذوا لله شركاء.
ولماذا هنالك «ظنوا» واحتمال المحيص لهم ساقط بما يرون من عذاب الله؟ علّهم لنكرانهم الشهداء من ناحية ، ولمسة المسرحة الرحيمية لله من أخرى ، قد يخلد بخلدهم أن لهم «من محيص» ف (ظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ).
(لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ)(٤٩).
(لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ) ولا يملّ (مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ) أن يدعوه طلبا في حال وفعال وقال ، أو يدعى له ، فدعاء الخير يعم دعاءه الخير بنفسه أم دعاء غيره له بالخير ، وسواء عنده أن يدعو ربه أم سواه ، بل قد يفضل عليه سواه ، ولمّا ييأس عن سواه يدعوه مخلصا ولكي يحصل على مناه.
فكل ما يراه خيرا يكدح في طلبه كدحا بكل صنوف الدعاء ، ولكنه (إِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَؤُسٌ قَنُوطٌ) كأن لم يكن هناك خير ، ففي لمسة من شر ينسى كل خير قبله كأن لم يعطه من ذي قبل.
مجرد مس الشر يقنطه عن كل خير مأمول ، وهو رسم دقيق واقع صادق للنفس البشرية لاغترارها الكادح بالسراء ، وجزعها بمس الضراء.
(وَلَئِنْ أَذَقْناهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هذا لِي وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ)(٥٠).
وما أحمقه في قولته الخواء «هذا لي» نكرانا أنه لله ومن الله ، دونما استحقاق له من رحمة الله ، فإن كانت لك فلما ذا سلبت عنك فأنت يؤس قنوط ، ثم الدنيا ليست دار جزاء يجزى فيها أهل الحق برحمة ، فحتى لو كنت منهم ف «هذا لي» غلطة ثم (وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً) ثانية (وَلَئِنْ