أقول : هذا يختلف في البلاد. وليس من الحيوان ذوات الأربع ما يغيب فلا يظهر إلا القنافذ وإلا الدببة (١) فإنها تنحجز مدة ولا تظهر ولا تطعم (٢) ، وتكون في غاية السمن فى ذلك الوقت ، وفي غاية الكسل. وفي ذلك الأوان تضع إناثها. ولم تصد دب حامل إلا في الندرة ، فإنها تقضى حملها وهي في التوارى. وأقل انحجازها أربعون يوما ، وقد يمتد أشهرا ، فإذا برز الدب ، بدأ بأكل اللوف ، يفتق به معاه وشهوته.
أقول : إن السبب في الجوع التحلل ، وسبب التحلل قلة في المادة ، ورقة وسخافة من الجلد ، وقوة من الحار الغريزى المحلل ، والحركة ، والحار الهوائى. فإذا نقص شىء من هذا فكثرت (٣) الفضول في البدن لشدة النهم ، وغلظت ، وكثف (٤) الجلد ، وآل الحركة سكونا ، وبرد الهواء وبقى محلل واحد ، أمكن (٥) أن لا يبلغ تحليله الإجاعة ، بل لا يجاوز الهضم الجيد ، فيسمن ، ولا يذبل ، ويستمر به ذلك إلى حين. ويكون هذا للدب عند ما أفرط امتلاؤه في وقت الفواكه والصيف ، ويختص به لعلة دوام شبعه وكثرة نهمه. وهذا مما يقل اتفاقه ، فإن بهائم ذوات الأربع ليس بها (٦) نهم مفرط ، ولا تمتلئ دفعة ، ولا تنال من اللحمان ، وهي التي (٧) يكثر غذاؤها. والسباع عيشها من الصيد لا غير ، ومن اللحم ، وذلك مما لا يكثر جدا. وأما هذا فيفعل الفعلين جميعا ، فيمتلئ من اللحمان ، ويمتلئ من الثمار وغيرها ، مما يولد فضولا كثيرة. وله قوة على صعود الأشجار. ثم بدنه ثقيل وليست (٨) حرارته شديدة مثل حرارة كثير من السباع حتى تحلل (٩) تحليلها (١٠). ولا يبعد (١١) أن تمتلئ وقتا من الأوقات فضولا كثيرة تعاف معها الطعام أصلا ، ويثقلها ، وخصوصا إذا اقترن به (١٢) شدة شد البرد وقبضه عن الحركة ، فتعرض للدب الخاصية التي لا تعرض (١٣) لغيره. وهكذا (١٤) أيضا حال ما يشبه الدب من بعض أجناس الفأر والقنافذ.
__________________
(١) الدببة : الدبة سا ، ط ، هامش ب
(٢) تطعم : تتطعم د ، سا.
(٣) فكثرت : وكثرت ط م ؛ + من هذا د
(٤) وكثف : وكثفت ط.
(٥) أمكن : وأمكن م.
(٦) بها : لها ب.
(٧) التي : الذي ط.
(٨) وليست : وليس سا ، م
(٩) تحلل : تحل ط ؛ ساقطة من سا
(١٠) تحليلها : تحللها سا.
(١١) ولا يبعد : فلا يبعد د ، سا ، ط ، م.
(١٢) به : ساقطة من ط ، م.
(١٣) لا تعرض : تعرض ب ، م
(١٤) وهكذا : هكذا ب ، م.