صداقة. وأقول : إن المشهور عندنا ضد ذلك. وقد رأيت الملك (١) شمس الدولة جمع بين غداف كبير وبين ثعلب في حبالة (٢) في بعض مصائده ، فكانا يتقاتلان قتالا شديدا ، وكان الثعلب ربما قبض بأسنانه على رأس الغداف بكل قوة فلا يزيده على الإدماء (٣) ، والغداف يقبض بكفه على فكى الثعلب فلا يدعه (٤) يفتح فاه ، ثم ينقره بمنقاره.
قال : والقاقى (٥) والعقاب يتقاتلان ، وكثيرا ما يغلب القاقى. والقاقى (٦) يأكل بعضه بعضا ، ويقهر كل طير. وذكر أصنافا من الطير متصادقة. وقد رأيت الرخم تصادق اللقالق (٧) وتتبعها ، وتصادق النسور (٨) وتتبعها.
قال : والثعلب يصادق الحية ، ويتساكنان في خلل الحجارة. وبين الأسد والثمر كل العداوة. والذي يذكره بعض المتكلمين من الإسلاميين من مصادقة الأسد والنمر (٩) فأمر اخترعه ولا أصل له. والفيلة تقاتل بعضها بعضا ، ويتعبد المغلوب للغالب. وربما (١٠) صيدت الفيلة الوحشية بركوب إنسية قوية تقاتل الوحشية وتقهرها (١١) وتستعبدها (١٢) ، فإذا تم ذلك ظفر السائس فعلاه (١٣) بالعاقوف (١٤) الذي هو عنانه ، وراض ما من شأنه أن يروضه.
أقول : وقد بلغنى عن بعض الثقات أن الفيلة تصاد بضرب لطيف من الحيل ، وهو أنه (١٥) يحفر لها في مدارجها التي يوثق باجتيازها فيها وهاد نافذة عن صبب إلى غور ، وتسقف الحفيرة بما يخفيها (١٦) ويسويها بالأرض الجدد ، ويكون عرضها عرضا لا يحول (١٧) فيه (١٨) الفيل ، وقدامها حائط صلب (١٩) لا ينفذ إلى القدام ، والمدخل إليها مدرج تدريجا يصعب فيه النكوص ، فإذا حصل فيه الفيل لم يمكنه أن ينكص أو يلتفت (٢٠) ، فيترك أياما ليثخنه
__________________
(١) الملك : ساقطة من ب ، م.
(٢) حيالة : حالة م. (٣) الإدماء : الإدمان سا.
(٤) يدعه : يدعا ط.
(٥) والقاقى : والغامى د ، ط ؛ والقامى سا.
(٦) والقاقى : والغلامى د ؛ والقامى سا ؛ والغامي ط.
(٧) اللقالق : اللقايق ط (٨) النسور : النسورة ب.
(٩) والنمر : والببر د ، سا ، م.
(١٠) وربما : فربما د. (١١) وتقهرها : وتقهره سا
(١٢) وتستبعدها : وتستعبده سا ، م.
(١٣) فعلاه : ساقطة من د (١٤) بالعاقوف : بالعاقوب سا.
(١٥) أنه. أنها د ، ط ، م. (١٦) يخفيها : يحيفها ط
(١٧) لا يحول : لا يجول ط
(١٨) فيه ، فيها د ، م ، ط.
(١٩) صلب : صبب د ، سا ، م.
(٢٠) يلتفت : يلفت ط.