إن السبب فيه ليحسن تشكله واستحالته بالمتخيلات ، فإن اللين أسهل قبولا للاستحالات ، وليس يعجبنى ذلك ، فإن اللين قد يعد لسرعة (١) الاستحالة ، ولكن لا كل (٢) استحالة (٣) ، بل الاستحالة التي تكون بالتقطيع والتشكل (٤).
وأما التصور بالأشباح وقبول الخيالات فليس مما يتعلق بتحريك جرمه وتقطيعه البتة ، بل كونه لينا ليكون دسما ، وليحسن غذوه للأعصاب الصلبة بالتدريج. فإن الجوهر الصلب لا يمده الصلب ما يمده (٥) اللين ، وليكون ما ينبت عنه لدنا ، إذ كان بعض النابت (٦) منه محتاجا إلى أن يتصلب عند أطرافه لما سنذكره من منافع العصب. ولما كان هذا النابت محتاجا إلى أن يصلب على التدريج وتكون صلابته صلابة لدن ، وجب أن يكون منشؤه جوهرا لدنا دسما والدسم اللزج لين لا محالة ، وأيضا ليكون الروح الذي يحويه الذي (٧) يفتقر إلى سرعة الحركة ممدا برطوبة (٨) ، وأيضا ليخف بتخلخله ؛ فإن الصلب في الأعضاء أثقل (٩) من اللين الرطب المتخلخل.
لكن جوهر الدماغ أيضا متفاوت (١٠) في (١١) اللين والصلابة ، وذلك لأن الجزء (١٢) المقدم (١٣) منه ألين (١٤) والجزء المؤخر أصلب. وفرق بين الجزءين باندراج الحجاب الصلب الذي نذكره فيه إلى حد ما. وإنما لين (١٥) مقدم الدماغ لأن أكثر عصب الحس وخصوصا الذي للبصر والسمع ينبت منه ، لأن الحس طليعة وميل الطليعة (١٦) إلى جهة المقدم أولى. وعصب الحركة ينبت أكثره من مؤخره ، وينبت منه النخاع الذي هو رسوله وخليفته في مجرى الصلب. وحيث يحتاج (١٧) أن ينبت منه أعصاب قوية. وعصب الحركة محتاج (١٨) إلى فضل صلابة لا يحتاج إليها عصب الحس ، بل اللين أوفق لها (١٩) فجعل منشؤه أصلب. وإنما أدرج
__________________
(١) لسرعة : بسرعة ط ، م
(٢) لا كل : ليس كل م
(٣) استحالة : الاستحالة سا.
(٤) والتشكل : والتشكيل د ، سا ، ط.
(٥) ما يمده : مما يمده سا.
(٦) النابت : النبات ط.
(٧) الذي (الثانية) : التي ط ، م.
(٨) برطوبة : رطوبة م.
(٩) أثقل : أبعد سا.
(١٠) متفاوت : متقارب سا
(١١) فى : من د (١٢) الجزء : الحركة سا
(١٣) المقدم : المتقدم سا. (١٤) ألين : اللين سا.
(١٥) وإنما لين : لين د ؛ ولين سا ، م.
(١٦) وميل والطليعة : والطليعة د ، سا ، ط ، م.
(١٧) يحتاج : + إلى ط
(١٨) محتاج : محتاجة سا ، ط ، م.
(١٩) بل اللين أوفق لها : ساقطة من د ، سا ، م.