ويندفع من جهته. وهذان المجريان إذا ابتديا من البطنين ونفذا في الدماغ نفسه (١) توربا (٢) نحو الالتقاء عند منفذ واحد عميق (٣) ، مبدؤه (٤) الحجاب الرقيق ، وآخره وهو أسفله عند الحجاب الصلب ، وهو مضيق فإنه كالقمع يبتدئ من سعة (٥) مستديرة إلى مضيق ، فلذلك (٦) يسمى قمعا ، ويسمى أيضا مستنقعا. فإذا نفذ (٧) في الغشاء الصلب لاقى هناك مجرى في غدة ، كأنها كرة مغمورة من الجانبين ، متقابلين فوق وأسفل ، وهي بين الغشاء الصلب وبين مجرى الحنك. ثم تجد هناك المنافذ التي في مشاشة (٨) المصفاة (٩) في أعلى الحنك (١٠). وقد ذكر في التعليم الأول أنه ليس في جوهر (١١) الدماغ دم البتة. فينبغى أن يعلم أن معناه أنه ليس فيه دم البتة على هيئة الدم ، بل يستحيل رطوبة أخرى. وفيه أنه لا عروق في جوهره ، ومعناه (١٢) أن العروق تنفذ إليه من الحجاب ، وتستبطنه ، وترسل الفوهات في جرمه حتى يمتص منها (١٣) من غير أن يكون جوهره جوهرا تنتسج فيه العروق ، كما في كثير من اللحم ، وكما في الكبد والقلب.
والدماغ أبرد الأعضاء الرئيسة حتى (١٤) أنه ربما (١٥) يميز باللمس (١٦) كونه باردا بالقياس إلى غيرها. وعظم اليافوخ ثخين ليبعد (١٧) عن (١٨) الآفة ، متخلخل ليكون خفيفا.
وأقول : إنه لما كان الدماغ ناتئ الموضع عن الأطراف البعيدة ، وكان مبدأ لتوجيه الأعصاب المؤدية للحس والحركة إلى الأعضاء (١٩) ، وكانت الأعصاب المحركة إذا بعدت عن أوائلها إلى المواضع التي ترسل إليها عرض لها أن تسترخى ولا يجود فعلها في تحريك الأطراف ، أرسل الصانع إلى قرب (٢٠) الأطراف شعبة كأنها مختزلة من الدماغ
__________________
(١) نفسه : وحده سا
(٢) توربا : فوربا د.
(٣) عميق : ساقطة من د ، سا ، م
(٤) مبدؤه : ومبدؤه ط ، م.
(٥) سعة : سعته م
(٦) فلذلك : ولهذا سا.
(٧) فإذا نفذ : فإنه أنفذ م.
(٨) مشاشة : مشاشية ب ، د ، سا ؛ [المشاشة : واحدة المشاش ، وهي رءوس العظام اللينة التي يمكن نصفها (لسان العرب)]
(٩) ثم تجد ... الحنك : ساقطة من م
(١٠) المصفاة : المصفى ب ، سا ، ط.
(١١) جوهر : ساقطة من د.
(١٢) ومعناه : + أنه م.
(١٣) منها : منه د ، سا ، ط ، م.
(١٤) حتى : وحتى ب ، د ، سا
(١٥) ربما : ساقطة من د ، سا ، م
(١٦) باللمس : بالحس ب. (١٧) ليبعد : يبعد ط ، م
(١٨) عن : من ط ؛ ساقطة من م. (١٩) إلى الأعضاء : ساقطة من سا.
(٢٠) قرب : أقرب ط.