ذكر الرأس. إنه في بعض الحيوان يتميز (١) العنق وفي بعضه غير متميز. ومنه ما لا رأس له كالسرطان.
قال : فكل (٢) ذى رئة فهو ذو عنق ، فإن العنق لأجل قصبة الرئة ؛ وكل ما لا دماغ له لا رأس له ، لأن الرأس لأجل الدماغ فإن الدماغ حقه أن لا يثقل (٣) عليه بشيء آخر ، لأنه عضو التمييز (٤) والآلة البدنية لأفعال التخيل التي تقوم في سائر الحيوان مقام التمييز. قال : وجميع الحيوان فإن مقاديم أعضائه أقوى ، لأنها ناقلة ؛ وفي الإنسان ما دام صغيرا أثخن (٥) حركة (٦) ، فإن المآخير (٧) أخف والرأس ويافوخه أثقل ، لئلا يجتمع ثقل الطرفين ولئلا يعسر على الصبى الدبيب ، فإذا قوى أخذت الأسافل تعظم لأنها حاملة وناقلة. والخيل وكثير من الحيوان يكون ارتفاع مقدمه أكثر ، وفي ذلك أيضا تخفيف لمؤخره ؛ ويكون طوله في الابتداء أقل ، وذلك لهذه العلة ولهذا السبب. وللين المفاصل في الصغر (٨) ما يحك المهر رأسه بحافر رجله المؤخر ، فإذا بلغ طال منه الجسد وصلب مفصل العنق فلم يمكنه ذلك. وثقل الأعالى في الناس يدل على ضعف العقل لكثرة جسدانيته في ناحية (٩) أعضاء العقل.
قال (١٠) : كأن العقل يطلب البراءة عن الجسدانية. ثم يذكر العلة في إخلاء الإنسان عن آلة معينة وأن ذلك ليكون له آلة مشتركة ، وهذا شىء فصلناه فيما سلف. ويذكر (١١) أن الحيوان المشقوق الأصابع غير (١٢) الإنسان يستعمل رجليه (١٣) في (١٤) مثل ما يستعمل الإنسان يديه ، وذلك كالقرد والدب. وبعضه محتاج إلى أن تكون أصابع مؤخر رجليه خمسا ، ليحسن اعتماده على ما يقبض عليه ، إذ كان من شأنه الانتصاب واستعمال أعضائه وهو مستلق أو مضطجع أو قاعد كالقرد. ومنه ما تنقص (١٥) أصابع رجليه من أصابع يديه بإصبع فتكون
__________________
(١) يتميز : متميز د ، سا ، ط ، م.
(٢) فكل : وكل د ، سا ، ط ، م.
(٣) يتقل : ينتقل ط.
(٤) التميز : التمييز ط.
(٥) أثخن : لم تحن د ، سا ؛ لم يحسن ط ؛ المرتجى
(٦) حركة : حركته د ، سا ، ط ، م
(٧) المآخير : المآخر م.
(٨) الصغر : الصغير سا.
(٩) فى ناحية : وناحية.
(١٠) قال ؛ فإن م.
(١١) يذكر : يتذكر سا.
(١٢) غير : عن م
(١٣) رجليه : رجله سا
(١٤) فى : كما في سا.
(١٥) تنقص : تنقبض م.