ضجر ، وشكا ذلك الي الامام ، وقال له : انهم يقولون لي زنديق!! فنهنه الامام عن وجده ، وقال له : «ما يضرك أن يكون في يدك لؤلؤة ، فيقول الناس : هي حصاة. وما ينفعك أن يكون في يدك حصاة ، فيقول الناس لؤلؤة» (١).
وكان سلاح الاتهام بالزندقة قد يشهر في وجوه أولياء أهل البيت ظلما وعدوانا ، فينكل بهم ، ويعتدي عليهم.
كل هذا المناخ الجاف البغيض لم يمنع أصحاب الامام موسي بن جعفر من التوجه اليه حتي وهو سجين ، وكان من بينهم : هند بن الحجاج ، وعلي بن سويد ، والمسيب بن زهرة الذي نيطت به حراسة الامام ، أو حبس عنده (٢).
الا أن الامام هداه السبيل ، فأصبح من أوليائه ، ومن حملة أسرار الأئمة (٣).
وكان من أبرز أصحابه الذين تشرفوا بخدمته في سجن السندي : موسي بن ابراهيم المروزي. وقد سمح له السندي بالاتصال بالامام ، والاستماع اليه ، لأنه كان معلما لولده.
وقد قام موسي هذا بدور مشرف حينما ألف كتابا مما رواه عن الامام مباشرة وسماه «مسند الامام موسي بن جعفر» (٤) وقد سبق الحديث عنه.
وهكذا تابع تلامذة الامام أستاذهم الأعظم ، ونشروا علمه بين الناس ، واستخدموا الوسائل المشروعة لاذاعته ، حتي بلغوا بهذه الغاية الذروة ، بما قضي علي الجمود والاخفاق المعرفي ، وبما حرر تلك الأحاسيس الكئيبة ـ نتيجة ظلم العصر ـ وأطلق منها بالثقافة الواعية.
__________________
(١) الكشي / الرجال / ٣٠٤.
(٢) الجهشياري / الوزراء والكتاب / ٩٧.
(٣) ظ : المامقاني / تنقيح المقال ٣ / ٢١٧.
(٤) ظ : النجاشي / الرجال / ٣١٩.