في هذه المحاورات والمناظرات عمق علمي لا شك في ذلك ، ولكن تبني السلطة لهذا النوع من الجهد العقلي يكشف أنهم بسبيل كشف من يواليهم ممن يخالف عليهم ، ولابانة من يؤيد مذهبهم السياسي ممن يحتمل عليه ، فهي وان كانت آفاقا معرفية في الجدل والحجاج والمناظرة ، الا أن عليها رصدا سياسيا جاثما ، يأخذ عليهم الأنفاس ، ويلتقط الاشارات فيذهب ضحية ذلك أمثال هؤلاء العلماء.
وظاهرة أخري أن الحكم يبارك هذه الخطوات أني كانت النتائج ، لأنها تصب في رافد مصالحهم الفئوية السياسية ، فما علي المتكلمين الا الجهد المضني في الجدل والاحتجاج ، وما علي الحكم الا استثمار ذلك في صراعات بين صفوف الأمة لا أول لها ولا آخر ، ولكنها تشغل الناس ، وتلك نقطة انطلاق كبري يسعي اليها الحكم والسلطان.