تعرف العقول عدله ، وسع خاص الأمة وعامها الشك فيه والانكار له كذلك ، هذان الأمران من أمر التوحيد فما دونه الي ارش الخدش وما دونه ، فهذا المعروض الذي يعرض عليه أمر الدين ، فما ثبت لك برهانه اصطفيته ، وما غمض عنك ضوؤه نفيته.
ولا قوة الا بالله ، وحسبنا الله ونعم الوكيل» (١).
وهذا الانفتاح علي المناخ العقلي لدي الامام لم يكن مقتصرا علي المسلمين وحدهم ، بل تجاوزه الي الملل والنحل الأخري ... فقد روي هشام بن الحكم أن الامام موسي بن جعفر قال لأبرهة النصراني : كيف علمك بكتابك؟ قال : أنا عالم به وبتأويله.
قال : فابتدأ الامام (عليهالسلام) يقرأ الانجيل.
فقال أبرهة : والمسيح لقد كان يقرأها هكذا؛ وما قرأ هكذا الا المسيح ، وأنا كنت أطلبه منذ خمسين سنة. فأسلم علي يديه (٢).
واجتمع الامام موسي بن جعفر براهب ، وجرت بينهما المحاورة الآتية : قال الراهب للامام : يا هذا أنت غريب؟
قال الامام : نعم.
قال الراهب : منا أو علينا؟
قال الامام : لست منكم.
قال : أنت من الأمة المرحومة؟
قال الامام : نعم.
قال : أفمن علمائهم أنت أم جهالهم؟
قال الامام : لست من جهالهم.
__________________
(١) الشيخ المفيد / الاختصاص / ٥٨.
(٢) ابن شهر آشوب / المناقب ٣ / ٤٢٦.