لله وللمسلمين ، فأي أمير هذا الذي يعيش بين خابية وزق ، ويحيا بين قينة ومغنية ، ويحظي بجارية وجارية ، ويشتمل قصره الملكي العامر علي آلاف الجواري من مختلف الجنسيات!!
ولك أن تعجب من بخله علي طبقات الشعب ، ولك أن تعجب من سخائه علي المجان والمخنثين ومرتزقة الشعراء ، فقد كان يجيز بعض الشعراء في قصائدهم عن كل بيت بألف دينار (١) وأعطي لأعرابي من باهلة أنشده بيتين ذكر فيهما ولديه الأمين والمأمون مائة ألف درهم (٢).
وكان أشجع السلمي ثقيلا علي الرشيد ، فأنشده قصيدتين طرب لهما الرشيد ، فقال له :
يا أشجع؛ لقد دخلت الي وأنت أثقل الناس علي قلبي ، وانك لتخرج وأنت أحب الناس الي.
قال أشجع : ما الذي أكسبتني هذه المنزلة؟
قال الرشيد : الغني؟ فأسأل ما بدا لك.
قال : ألف ألف درهم ، قال الرشيد : ادفعوا له (٣).
هذه الهبات الضخمة لشعراء مغمورين؛ فما بالك في شعراء الطبقة الأولي؟
أما تبذير الرشيد واسرافه في شراء الجواهر والأحجار الكريمة ، والقلائد الثمينة فما لا رأت عين ولا سمعت اذن ، فكان خاتمه بمائة ألف دينار (٤).
وقد اشتري جواهر معدودة بمائتي ألف دينار ، فوهبها لدنانير البرمكية (٥).
__________________
(١) ظ : المسعودي / مروج الذهب ٢ / ٣٨٢.
(٢) ظ : الطبري / تاريخ الأمم والملوك ٣ / ٢٦١.
(٣) ظ : طبقات الشعراء / ٢٥٢.
(٤) ظ : ابن الأثير / الكامل في التاريخ ٦ / ٤٤.
(٥) البيهقي / المحاسن والمساوي / ٥٤٤.