وهذا غيض من فيض سقناه علي سبيل المثال لتبذير أموال المسلمين علي الغناء ومجالسه فحسب ، فما بالك في اعداد تلك المجالس وتهيئة مرافقها ومتطلباتها وما يقتضي لها من الأشربة والأنبذة وآلات الطرب والفرش الوثير والوسائد والستائر ، وما يتبع ذلك من الانفاق لدي اصطفاف الموائد؟؟
أما الجواري وشراؤها ، فقد بلغ حد الاسراف في الأسعار ، والمغالاة في استزادة منها ، وأسوق اليك هذا النموذج في عدد ما في القصر لنوع خاص من الجواري تشرف عليه زوجته أمجعفر ، وقد أقبلت في زهاء ألفي جارية من جواريها!!
وسائر جواري القصر ، عليهن غرائب اللباس ، وكان قد استقل بجارية عنها في غاية الجمال والكمال!! فأقبلت جواري أمجعفر في قبال جواريه الأخريات ، وهن في لحن واحد :
منفصل عني ... |
|
وما قلبي عنه منفصل |
يا قاطعي اليوم لمن |
|
نويت بعدي أن تصل |
فطرب الرشيد ، وقام علي رجليه حتي استقبل أمجعفر قائلا : لم أر كاليوم قط.
ثم نادي مسرورا الخادم قائلا : يا مسرور لا تبقين في بيت المال درهما الا نثرته ، فكان مبلغ ما نثره يومئذ : ستة آلاف ألف درهم (١).
واذا لم يكن هذا عبثا بأموال الدولة فكيف يكون العبث؟
ومع هذا كله ، وفوق هذا كله ، فان الرشيد يسمي أميرالمؤمنين!! فيا
__________________
(١) الأصبهاني / الأغاني ١٠ / ١٧٢.