الطريق مسنونة في انكار المنكر والأمر بالمعروف ، فقد يري بعضهم ذلك لازما له أني اتفق حتي مع عدم أمن الضرر فيعتبره جهادا ، وهذا اجتهاد قد يخطيء فيه المجتهد وقد يصيب ، أما الامام (عليهالسلام) فله حكمه الخاص الذي ينطلق من موازين أخري يحددها تكليفه الشرعي ليس غير.
ولم يكن الامام لينجذب للأحاسيس وهي شلاء ، ولم يكن ليتأثر بالعواطف الصارخة وهي موقتة ، وكان عمله الفعلي الهادف يستوعب الأجيال المتعاقبة لا الأيام القليلة الزائلة ، ولم يكن همه لينحصر بالتغيير السياسي والعدة غير متكاملة لدرئه ، والنصرة غير متيسرة لردعه ، وللامام أن يري ، ولأتباعه وأوليائه أن يمتثلوا ، فالآراء لا تفرض علي الامام مهما كان مصدرها البشري الا اذا اقترنت بقناعته المنطقية ، لهذا نجد أن دأب الأئمة (عليهمالسلام) ومنهم الامام موسي بن جعفر استثمار توجه الناس اليهم بالاتجاه العلمي ، فأذكوا شرارته ، وألقحوا جذوته ، فكانت ثماره بناء الأمة عقليا وفكريا ، وذلك هو الهدف المركزي الذي تقصر عن تحقيقه عروش الظالمين ، بل وتتضاءل أمام زحفه صولة السلاطين ، فقد ذهبت جبروتهم أدراج الرياح كأمس الدابر ، وخلد علم أهل البيت في مدرجة التأريخ الانساني المتحضر ، وكان هذا الاتجاه امتدادا طبيعيا لمسيرة الأئمة في حياتهم العملية في ضوء تعليمات القرآن الكريم والسنة النبوية لا يحيدون عنهما قيد شعرة قط.
ولك هنا أن تعرف موقف الامام من حركة يحيي بن عبدالله المحض كما عرفت من ثورة الحسين (صاحب فخ) فكلاهما يصدران عن رافد العنف الثوري ، ولم يكونا أحرص علي الثورة من الامام لو أن ظروفها كانت مواتية ، ولما لم يكن الأمر بهذه السهولة واليسر ، فالامام لم يجد شرعية تتبع ، ولا مشروعية تستهدف في زج نفسه أو أوليائه في دوامة محكوم عليها