في ظل اقامة جبرية ، حتي استثني الرشيد من قراره فاعتقله عند الفضل بن الربيع أحد وزرائه ، فصيره في داره ، ويبدو أن الفضل كان متحرجا من سجن الامام ، أو في الأقل كان مرفها عليه في سجنه ، فقد أعجب الفضل بعبادة الامام ، وأطلع علي ذلك عبدالله الشزويني (القروي) وهو علي سطح داره ، وحدثه عنه بقوله : «اني أتفقده الليل والنهار ، فلم أجده الا علي الحال التي أخبرك بها : انه يصلي الفجر ، ويعقب ساعة ، ويسجد سجدة لا يزال بها حتي تزول الشمس ... ثم يثب لصلاة الظهر ... الي أن يفرغ من صلاة العصر ... فاذا غابت الشمس وثب فصلي المغرب ... ولا يزال في صلاته وتعقيبه الي صلاة العتمة ، ثم يفطر علي شوي ... ثم يقوم فلا يزال يصلي في جوف الليل حتي يطلع الفجر ... فاذا طلع وثب لصلاة الفجر (١)
وأراده الرشيد علي قتل الامام فأبي ذلك (٢).
وقال القروي للفضل : «اتق الله ولا تحدث في أمره حدثا يكون منه زوال النعمة ... فقال الفضل : قد أرسلوا الي غير مرة يأمرونني بقتله فلم أجبهم لذلك ، وأعلمتهم أني لا أفعل ذلك ، ولو قتلوني ما أجبتهم الي ما سألوني» (٣).
ويبدو أن الفضل بن الربيع أراد من الرشيد اطلاق الامام ، وعاتبه علي التضييق عليه في الحبس ، فأجابه هارون : هيهات لابد من ذلك.
ويبدو أن هارون قد أطلق الامام بما رواه حاجب الفضل بن الربيع عن الفضل نفسه ، اذ دخل عليه مسرور الكبير ، قائلا : أجب الأمير ... فخرج معه الي الرشيد فقال له : تداخلك رعب؟ قلت : نعم ، قال : صر الي حبسنا ، فأخرج موسي بن جعفر بن محمد ... وخيره بين المقام أو الرحيل ، فقلت :
__________________
(١) المجلسي / بحارالأنوار ٤٨ / ٢١١.
(٢) ظ : الاربلي / كشف الغمة ٣ / ٢٥.
(٣) الصدوق / الأمالي / ١٤٦ ، البحار ٤٨ / ٢١١.