تأمر باطلاق موسي بن جعفر ، قال : نعم؛ ويلك تريد أن أنكث بالعهد (١).
وأطلق سراح الامام موقنا ، وقبض عليه ، فسجن عند الفضل بن يحيي. فوسع علي الامام وأكرمه ـ في رواية ـ فاتصل ذلك بالرشيد وهو في الرقة ، فكتب اليه الرشيد ينكر عليه توسيعه علي الامام ، وأمره بقتله ، فتوقف الفضل ، ولم يقدم علي ذلك (٢).
فأنفذ الرشيد مسرورا الخادم الي بغداد علي البريد ، وأمره من فوره أن يدخل الي موسي بن جعفر فيعرف خبره ، فان كان الأمر علي ما بلغه أوصل كتابا منه الي العباس بن محمد وأمره باعتقاله ، وأوصل كتابا آخر الي السندي بن شاهك يأمره بطاعة العباس.
فقدم مسرور فنزل دار الفضل بن يحيي ، ولا يدري أحد ما يريد ، ثم دخل علي الامام موسي بن جعفر (عليهالسلام) فوجده علي ما بلغ الرشيد من السعة والرفاهية ، فأوصل لهما الكتابين ، فلم يلبث الناس أن خرج الرسول يركض الي الفضل بن يحيي فركب معه ، وخرج مشدوها دهشا حتي دخل علي العباس ، فدعا بسياط وعقابين ، فوجه ذلك الي السندي بالفضل فجرد ، ثم ضربه مائة سوط ، فخرج الفضل متغير اللون خلاف ما دخل ، فأذهبت نخوته ، فجعل يسلم علي الناس يمينا وشمالا.
وكتب مسرور بالخبر الي الرشيد فأمر بتسليم الامام الي السندي بن شاهك ، وجلس مجلسا حافلا سب به الفضل بن يحيي وأمر بلعنه ، حتي تدارك ذلك أبويحيي بن خالد ، فساوي الأمر (٣).
وهذه المرويات تشير أن الفضل بن يحيي قد وسع علي الامام لما رآه من حسن سمته ، ورفيع عبادته ، وانقطاعه الي الله تعالي ، وعزوفه عن الدنيا
__________________
(١) ظ : المسعودي / مروج الذهب ٣ / ٢٦٥.
(٢) ظ : الاربلي / كشف الغمة ٣ / ٢٦.
(٣) ظ : الأصبهاني / مقاتل الطالبيين / ٥٠٣ ، الطوسي / الغيبة / ٢٢.