وكان الامام موسي بن جعفر (عليهالسلام) من أدري الناس بهذه الارهاصارت لدي الرشيد ، فقد يجامله مرة ، وقد يتقيه أخري ، وقد يتقرب منه ثالثة ، وقد يذكره الرحم فيمسه سوي ذلك ، وقد يروي له في ذلك «أن الرحم اذا مست الرحم تحركت واضطربت» (١) كما قد يجابهه في مرارة واصرار اذا اقتضت المصلحة العليا ذلك (٢).
وقد رأيت فيما سبق أن الرشيد كان مصمما علي سجن الامام فسجنه حتي انتهي به المطاف الي سجن السندي بن شاهك ، فكانت كرامات الامام يتصل بعضها ببعض ، وفضائله تسير مسير الشمس ، فاستنجد الرشيد بيحيي بن خالد البرمكي ، وقال له :
«يا أباعلي؛ أما تري ما نحن فيه من هذه العجائب؟
ألا تدبر في أمر هذا الرجل تدبيرا يريحنا من غمه؟
فقال يحيي بن خالد : الذي أراه لك أن تمن عليه ، وتصل رحمه ، فقد والله أفسد علينا قلوب شيعتنا.
فقبل ذلك منه ، وأمره بفك القيود عنه واطلاقه بشرط الاعتراف بالاساءة. فامتنع الامام (عليهالسلام) ، وقال ليحيي :
يا أباعلي؛ أنا ميت ، وانما بقي من أجلي أسبوع ...
يا أباعلي؛ أبلغه عني ، يقول لك موسي بن جعفر :
رسولي يأتيك يوم الجمعة ، فيخبرك بما تري ، وستعلم غدا اذا جاثيتك بين يدي الله من الظالم والمعتدي علي صاحبه؟ والسلام.
فأخبر يحيي الرشيد بذلك ، فقال الرشيد :
__________________
(١) ظ : المجلسي / بحارالأنوار ٤٨ / ١٢٦.
(٢) ظ : علي سبيل المثال : المجلسي / بحارالأنوار ٤٨ / ١٢٨ ـ ١٢٩ ـ ١٤٥ ـ ١٤٦ ـ ١٤٧ ـ ١٤٨ ... الخ.