الي سياسة كبت الحرية ، فقد قذف بالشباب المسلم في لهوات الحروب ، وأشغل الفكر العام بالبعوث وارسال الكتل البشرية نحو الثغور ، وهو لا يهمه بذلك أمر الاسلام في شيء ، وانما همه الوحيد هو تثبيت دعائم الملك.
وكانت شعبية الامام موسي بن جعفر (عليهالسلام) تخترق كل الحواجز التي وضعها الرشيد في سبيله ، لا بقوة عسكرية ، وانما بذلك التغلغل العقائدي الذي تتنطوي عليه قلوب المسلمين ولاء وايمانا وحبا بقيادة أهل البيت (عليهمالسلام) ، وهنا مصدر الخطر علي السلطة حيث أن هذا التغلغل في الفكر والضمير انما يكتسب نفوذه العام من خلال قناعات ثابتة ، تجعل القوة الي جنب الكتاب في استيحاء الأسس الفكرية للاسلام ، وهذا ما يخيف الحاكمين ويجعلهم في فزع وهلع شديدين ، لأن هذا المنظور الخارق انما ينطلق من صميم المشاعر الانسانية دون تأثير خارجي ، أو دعم سلطوي ، أو اجراء سياسي ، فهو انطلاق داخلي يجري في الانسان مجري الدم في الأوردة والشرايين.
وكان الرشيد يعرف هذا جيدا بالنسبة للامام موسي بن جعفر (عليهالسلام) ، فهو وريث هذه الأطروحة الضخمة التي تجعل مصير السلطان في مهب الريح ، وتجعل أتباعه وأولياءه في قلق مستمر ، اذن الدولة في نظره في معرض الخطر من هذه الأحاسيس التي يمتلك أمرها الامام.
ومع علم الرشيد أن ليس من وكد الامام ولا من شأوه نشدان الحكم ولا تطلب السلطان ، الا أن هواجس الخوف والذعر من مكانة الامام تجعله يفكر جديا في التخلص منه بشتي الوسائل ، دون أن يثير حفيظة المتسائلين أو الاهتمام الجماهيري.