الجاثم بثقله علي النفوس ، وقد ينتابه شعور عارم رقيق أو كثيف بالكآبة المطبقة لما يشاهده من التدارك السفلي في القيم والاعتبارات والتعامل العام ، وهي صفحات تحكي عن اللون القاتم المميز للعصر بما أبقته لنا الوثائق المعتمدة ، وما أملته النصوص التأريخية المفعمة بالمآسي كصورة حقيقية تتحدث عن انحلال وانحطاط تلك الحقبة من الزمن الصعب ، حتي لم يعد مسلم متحفز جاد ليتذوق طعم الحياة.
وبالرغم من أن التأريخ ـ وهو يكتب بلغة رسمية ـ قد ناصب العداء لأئمة أهل البيت عن قصد وعمد ، لأنه بسبيل من ارضاء شهوة خلفاء الجور وولاة السوء الذين يضطربون اضطرابا عنيفا لأية بادرة تؤكد التماع ذلك الأفق الرفيع في حياة أئمة أهل البيت ، الا أن النصاعة لهذه الحياة في السيرة والسمت والعطاء قد أرغمت التأريخ علي الاقرار بالنتائج المذهلة التي حققتها في الميدان الاجتماعي حين فضحت أساليب الزيف والدجل السياسي ، وحين عصفت بتلك الكيانات الهزيلة وكشفت الأقنعة عن تلك الممارسات اللاانسانية ، وظهر من بين هذين ذلك الوجه المشرق للامام موسي بن جعفر (عليهالسلام) وهو يتزعم تلك المهمة الصعبة ، في حين تمتنع مصادر الهوس الديني من التفوه باسمه ، فقد جذت الألسن عن الحديث حوله أو الاشارة اليه ، فذلك من المحظور الذي لا يباح ، ورغم هذه الضبابية وذلك التعتيم ، رأينا الامام موسي ابن جعفر (عليهالسلام) يمثل الألق الهادي لسنن الطريق ، فكان النجم المتألق شعاعا ونورا وقد عصف بالشبهات والانحرافات ، في صراع مرير.
وكانت ألسنة الخطف هي أقلام الحق فيما وصف به الامام ، وكان التأريخ مع تجهمه العابس للامام قد أفلت منه كثير من الاعتراف والاقرار بالواقع المشهود ، وتلك سمة خاصة بأئمة أهل البيت ، فهم وان كتم التأريخ