وهي ظاهرة صراره التي يضرب بها المثل حتي قيل :
«عجبا لمن جاءته صرة موسي فشكا القلة» (١).
ومعني هذا أن في صراره الغني والاغناء ، وفي صلاته بها الكفاية والثراء ، واذا دققنا النظر في قيمة الدينار الذهبي في عصره عرفنا مدي قيمة صراره بالصلات بالمائة والمائتين والثلاث والأربع حتي الألف من الدنانير ، فهي تسبب لمن تصل اليه الغني بحدود معينة ، وللامام في ذلك أخبار طريفة تقدم بعضها في موقعها من الرسالة شاهدا أو نموذجا.
قال الاربلي : «وذكر جماعة من أهل العلم أن أباالحسن (عليهالسلام) كان يصل بالمائتي دينار الي الثلاثمائة دينار ، وكانت صرار موسي (عليهالسلام) مثلا» (٢).
وروي عن محمد بن عبدالله البكري قال : «قدمت الي المدينة أطلب دينا فأعياني ، فقلت : لو ذهبت الي أبيالحسن (عليهالسلام) فشكوت اليه ، فأتيته ... وسألني عن حاجتي فذكرت له قصتي ، فدخل ولم يقم الا يسيرا حتي خرج الي ، فقال لغلامه : اذهب ، ثم مد يده الي فدفع الي صرة فيها ثلاثمائة دينار ...» (٣).
فاذا علمنا أن ثمن الدار في عصر الامام أربعون دينارا كما يقول المؤرخون ، عرفنا أن هذا المبلغ ضخم في حينه.
ومن النماذج الراقية لكرمه الفياض ما حدث به عيسي بن محمد بن مغيث القرظي ـ وكان قد بلغ تسعين سنة حينما حدث بهذا الحديث ـ (صفحه ٤٧) قال : «زرعت بطيخا وقثاء وقرعا في موضع بالجوانية علي بئر يقال لها : «أم عظام» فلما بلغ الخير واستوي الزرع ، بغتني الجراد فأتي علي الزرع كله ، وكنت قد غرمت علي الزرع وفي ثمن جملين : مائة وعشرين دينارا. فبينما أنا
__________________
(١) ظ : المجلسي / بحارالأنوار / ٤٨ / ١٠٤ و ١٠٨.
(٢) الاربلي / كشف الغمة ٣ / ٢١.
(٣) المصدر نفسه ٣ / ٢٠.