جالس طلع موسي بن جعفر بن محمد ، فسلم ثم قال : ايش حالك؟ فقلت أصبحت كالصريم ، بغتني الجراد فأكل زرعي ، قال : وكم غرمت فيه؟ قلت : مائة وعشرين دينارا مع ثمن الجملين ، فقال : يا عرفة؛ زن لأبي المغيث مائة وخمسين دينارا ...
فقلت : يا مبارك ، ادخل وادع لي فيها ، فدخل ودعا ...
ثم علفت عليه الجملين وشيعته ، فجعل الله فيها البركة ، زكت فبعث منها بعشرة آلاف» (١).
وكان الامام (عليهالسلام) يتصدق بالمزارع والضياع والبساتين ، ويوقف بعضها علي ذريته من بعده ، وقد جمع روايات ذلك وأشار اليه الأستاذ محمدحسن آلياسين (٣).
وهذا أيضا يضاف الي قاموس كرم الامام وفيضه الزاخر. ولنا أن نتساءل عن هذه النفس الكريمة في العطاء والايثار ، كيف اندفعت هذا الاندفاع لاحياء النفوس ، وبعث الأمل في القلوب البائسة والمنكوبة؟ والاجابة عن هذا لا تحتاج كثير تأمل أو طول تفكير ، فما يصدر عن الامام في هذا الصدد نابع من مفاهيم انسانية عليا سبق لها آباؤه وأجداده ، ولا حاجة بنا أن نذكر أن الامام الحسن بن علي أميرالمؤمنين (عليهالسلام) كان يوصف بأنه (كريم أهل البيت) وهذا أشهر من أن يذكر ، ولا كبير جهد لدينا أن نعتبر هذا الجود الغامر من صميم المفردات (صفحه ٤٨) الانسانية التي طرحها الامام بحيث اعتبر ذلك مثالا لشجرة في الجنة فقال : (السخاء شجرة في الجنة ، وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلق بغصين منها أدته الي الجنة. والبخل شجرة في النار ، وأغصانها في الدنيا ، من تعلق بغصن منها أدته الي النار) (٣).
__________________
(١) الخطيب البغدادي / تاريخ بغداد ١٣ / ٢٩ ، الذهبي / سير أعلام النبلاء ٦ / ٢٧٢.
(٢) ظ : محمدحسن آلياسين / الامام موسي بن جعفر / ٥١ ـ ٥٢.
(٣) الشيخ المفيد / الاختصاص / ٢٥٢ ـ ٢٥٣.