وتطويرا واذاعة ونشرا (١).
حتي اذا تسلم الامام جعفر بن محمد الصادق قيادة الأمة ، كان زعيم مدرسة أهل البيت الريادية دون منازع ، وبدأ التحرر الانساني في العقل يخطو خطوات رهيفة في الانفتاح علي كل جديد ، وبدأ الفكر المعرفي يتطلع الي المزيد من الثقافة العليا ، وانحسر المد العلمي عن كوكبة من المعارف السائرة مع الزمن ، فللتشريع أساطينه ، وللفقه جهابذته ، وللحديث رجاله ، وللعلم التجريبي متخصصوه ، وللعلوم الانسانية روادها الأوائل ، وللابداع في النظر والفنون والحياة العقلية جمهرة من المتتبعين والعاملين باخلاص وأمانة.
ولدي اضطلاع الامام موسي بن جعفر (عليهالسلام) بالمسؤولية القيادية ، نهد بصيانة هذا التراث الضخم ، وعمل علي اذاعته في الآفاق ، وأصبح العلم الشاخص الذي ترنو له الأبصار والضمائر.
وكانت هذه المدرسة عالمية الدلالة ، انسانية العطاء ، اسلامية المصادر ، تتسم بالعمق والأصالة ، وتمتاز بالموسوعية النادرة ، وكان من خصائصها الشمولية والاستيعاب لمفردات الحضارة الاسلامية ، لا تجمد علي مادة ، ولا تقف عند موضوع ، فهي متجددة الآراء ، موضوعية النظرة ، سليمة الأداء.
وكان من رصانتها الاجتماعية أنها للانسان بكل شرائحه المتعددة ، وللمسلم المتحفز بكل آثارها الراسخة ، وهي بذلك تحقق مبدأ الرسالة العامة التي لا تقتصر علي موقع ، ولا تتحدد باقليم ، بعيدة عن الأثرة ، قريبة من التفاعل الاجتماعي.
واذا تدارسنا ببصيرة وامعان مركز الامام موسي بن جعفر (عليهالسلام) من
__________________
(١) ظ : المؤلف / الامام محمد الباقر / مجدد الحضارة الاسلامية / مؤسسة العارف / بيروت / ٢٠٠٢ م.