الفاخرة ، واذا كانت الأولي رفضها العلم طبيعة ومنطقا ، فهي خير من الثانية مع اقبال النفس عليها.
وهدف الامام في هذا التوجه هو التوصل الي حقائق ناصعة ومرضية عند الله تعالي ، لأنها الطريق الأمثل في استقراء المجهول. يقول الأستاذ محمدحسن آلياسين :
«ولكي يكون العلم في جانبه الديني مرضيا عند الله تعالي ، ومحققا هدفه الكبير في تعزيز الايمان وترسيخ الاعتقاد والابتعاد عما يسخط الله عزوجل ، نهي الامام عن الأخذ بالبدع ، وحذر أشد التحذير من العمل بالرأي خلافا لحكم الله ونص رسوله (صلي الله عليه وآله) وفي ذلك يقول مخاطبا بعض أصحابه :
«لا تكونن مبتدعا ، من نظر برأيه هلك ، ومن ترك أهل بيت نبيه (صلي الله عليه وآله) ضل ، ومن ترك كتاب الله وقول نبيه (صلي الله عليه وآله) كفر» (١).
ولما كان القياس في بعض حالاته ضربا من ضروب الابتداع ، ولونا من ألوان الأخذ بالرأي ، فقد نهي (عليهالسلام) أصرح النهي عن العمل بالقياس في تقرير حكم النظير والمشابه ان لم تكن العلة المشتركة منصوصة بصريح اللفظ.
وجاء في الرواية عن سماعة بن مهران أنه قال للامام : «انا نجتمع فنتذاكر ما عندنا ، فلا يرد علينا شيء الا وعندنا فيه شيء مسطر ، وذلك مما أنعم الله به علينا بكم. ثم يرد علينا الشيء الصغير ليس عندنا فيه شيء ، فينظر بعضنا الي بعض ، وعندنا ما يشبهه ، فنقيس علي أحسنه». فقال الامام (عليهالسلام) :
ما لكم وللقياس!! انما هلك من هلك قبلكم بالقياس (٢) (٣).
وكان علم الامام متنقل الأفياء في موضوعات متعددة ، ومفردات لا
__________________
(١) المصدر نفسه ١ / ٦٥.
(٢) الكليني / الكافي ١ / ٥٧.
(٣) محمدحسن آلياسين / الامام موسي بن جعفر / ١٠٨.