عند الانسان ، وكان الوعي الرسالي لديه حريصا علي كشف القدرات الكامنة في الذات الانسانية ، فهو يريد لها الازدهار والانبعاث لتكون كيانا مجسدا يتصرف ويعي ويدرك ، لا آلة تستخدم وتشتري وتعار ، وهو بذلك صريح دون رموز وألغاز ، وانما هوي الوعي المتدافع الذي يعصف بكيان التعسف والانحدار الخلقي.
ومن هنا تدرك مدي الهلع الذي يقض مضاجع السلطان ، من الامام موسي بن جعفر (عليهالسلام) باعتباره العاصفة التي تقتلع مفاهيم الاستعباد الجماعي ، وتخترق حواجز الاستبداد الفردي ، فتنهار الأعراف السلطوية التي تعمل علي صنمية المجتمع وتخديره ، وتنتقل به من النمط التقليدي في الاذعان والاذلال الي سياق تحرري جديد من الحيوية والادراك.
فالامام يشجب كل مظاهر القهر والاكراه ، ويدعو الي الموقف الحاسم ، ويصدع بالصوت الجريء النافذ فيهز الأنظمة الهزيلة بقدرة فائقة تفوق قدرة السلاح ، ولكنه النضال السلبي الموجه ، أو المواجهة الرافضة المنظمة ، فلا موادعة مع الظالمين والقتلة ، فكان ضحية الارهاب السياسي ، نتيجة هذا الطرح الرائد.
بيد أن رسالة السماء التي نهد الامام برفع لوائها ، بدأت في اتساقها وشموخها تنشر الهدي وتفيض المعرفة ، فكان للنضال موقع في كسر القيود والأغلال ، وكان لصوت العلم موقع ودوي في الآفاق ، وكان هذا التلاحم في كشف الظلم ونشر العلم يعني انتصار مدرسة أهل البيت في هذين الخطين المتوازيين.
وكانت حياة الامام (عليهالسلام) تقتسمها المظالم والمعارف ، مظالم الطواغيت ، ومعارف الرسالة الاسلامية ، وجاء هذا الكتاب لرصد ذلك الزخم الهائل من المعارف ، وسبر ذلك السيل المتلاطم من المظالم ، وهما موضوع