(وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آياتِي وَما أُنْذِرُوا هُزُواً (٥٦) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً) (٥٧)
____________________________________
* التى من جملتها مجادلتهم للحق بالباطل (إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ) أى إلا طلب إتيان سنتهم أو إلا انتظار* إتيانها أو إلا تقديره فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه وسنتهم الاستئصال (أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ) * أى عذاب الآخرة (قُبُلاً) أى أنواعا جمع قبيل أو عيانا كما فى قراءة قبلا بكسر القاف وفتح الباء وقرىء بفتحتين أى مستقبلا يقال لقيته قبلا وقبلا وقبلا وانتصابه على الحالية من الضمير أو العذاب والمعنى إن ما تضمنه القرآن الكريم من الأمور المستوجبة للإيمان بحيث لو لم يكن مثل هذه الحكمة القوية لما امتنع الناس من الإيمان وإن كانوا مجبولين على الجدل المفرط (وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ) إلى الأمم ملتبسين بحال* من الأحوال (إِلَّا) حال كونهم (مُبَشِّرِينَ) للمؤمنين بالثواب (وَمُنْذِرِينَ) للكفرة والعصاة بالعقاب* (وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ) باقتراح الآيات بعد ظهور المعجزات والسؤال عن قصة أصحاب الكهف* ونحوها تعنتا (لِيُدْحِضُوا بِهِ) أى بالجدال (الْحَقَّ) أى يزيلوه عن مركزه ويبطلوه من إدحاض القدم وهو إزلاقها وهو قولهم للرسل عليهم الصلاة والسلام ما أنتم إلا بشر مثلنا ولو شاء الله لأنزل ملائكة* ونحوهما (وَاتَّخَذُوا آياتِي) التى تخر لها صم الجبال (وَما أُنْذِرُوا) أى أنذروه من القوارع الناعية عليهم العقاب والعذاب أو إنذارهم (هُزُواً) استهزاء وقرىء بسكون الزاى وهو ما يستهزأ به (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ) وهو القرآن العظيم (فَأَعْرَضَ عَنْها) ولم يتدبرها ولم يتذكر بها وهذا السبك وإن كان مدلوله الوضعى نفى الأظلمية من غير تعرض لنفى المساواة فى الظلم إلا أن مفهومه العرفى أنه أظلم من كل ظالم وبناء الأظلمية على ما فى حين الصلة من الإعراض عن القرآن للإشعار بأن ظلم من يجادل فيه ويتخذه هزوا* خارج عن الحد (وَنَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ) أى عمله من الكفر والمعاصى التى من جملتها ما ذكر من المجادلة* بالباطل والاستهزاء بالحق ولم يتفكر فى عاقبتها (إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً) أغطية كثيرة جمع كنان* وهو تعليل لإعراضهم ونسيانهم بأنهم مطبوع على قلوبهم (أَنْ يَفْقَهُوهُ) مفعول لما دل عليه الكلام أى* منعناهم أن يقفوا على كنهه أو مفعول له أى كراهة أن يفقهوه (وَفِي آذانِهِمْ) أى جعلنا فيها (وَقْراً) ثقلا* يمنعهم من استماعه (وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً) أى فلن يكون منهم اهتداء البتة مدة التكليف وإذن جزاء للشرط وجواب عن سؤال النبى صلىاللهعليهوسلم المدلول عليه بكمال عنايته بإسلامهم كأنه قال صلىاللهعليهوسلم مالى لا أدعوهم فقيل إن تدعهم الخ وجمع الضمير الراجع إلى الموصول فى هذه المواضع الخمسة باعتبار معناه كما أن إفراده فى المواطن الخمسة المتقدمة باعتبار لفظه.