الساري فيها هو الأصل المحفوظ في المشتقات ، دون غيرها كالمصدر أو الفعل ، كما اشتهر ان الأصل في المشتقات هو المصدر كما عن جماعة من علماء الصرف أو هو الفعل كما عن جماعة أخرى منهم ، إذ من الواضح انه لا أصل لهذا الأصل بعد وضوح المباينة التامة بين المعنى المصدري بما له من الحدود مع غيره من المشتقات كوضوح البينونة بين بعضها وبعضها الاخر ، ومعه كيف يمكن ان يكون المصدر أو الفعل هو الأصل المحفوظ في المشتقات ومادة سارية فيها ، كيف وان المصدر أيضا كغيره من الصيغ من الماضي والمضارع وأسماء الفاعلين والمفعولين ، فكان له أيضا هيئة خاصة ومادة مشتركة بينه وبين غيره ، تدل المادة فيه على معنى حدثي والهيئة على إضافة هذا المبدأ إلى ذات ما ونسبته إليها بنسبة تصورية ، وحينئذ فما هو الأصل المحفوظ والساري في جميع المشتقات لايكون الا ذلك المعنى الحدثي المجرد عن جميع التعينات وان لم يمكن تصوره واخطاره في الذهن الا في ضمن تعين خاص ، نعم لما كان الأقرب إلى ذلك المعنى المجرد هو المصدر من بين سائر المشتقات باعتبار دلالته على مجرد المبدأ وهو الحدث المضاف إلى ذات ما وعرائه عن خصوصية الزمان ، وبعده كان الأقرب إليه الفعل الماضي والمضارع بالنسبة إلى أسماء الفاعلين والمفعولين نظراً إلى تقدمهما الرتبي عليها من جهة اشتمالهما على النسب التامة كما هو الشأن في كلية المركبات التامة بالقياس إلى القضايا التقييدية والمركبات الناقصة فبهذا الاعتبار أمكن دعوى ان ما هو أقرب إلى ذلك المعنى المجرد ، من جهة قلة وجدانه للخصوصيات بحسب اللفظ والمعنى ، يكون أصلا بالنسبة إلى ما كثر فيه الخصوصية بحسب المعنى أو اللفظ ، فنجعل مدار الأصلية والفرعية على مثل هذه الأقربية الاعتبارية ، وندعي ان المصدر أصل بالنسبة إلى الفعل الماضي والمضارع وغيرهما من المشتقات ، وان فعل الماضي أصل بالنسبة إلى المضارع لمكان اشتمال فعل المضارع على خصوصية زائدة ولو بحسب اللفظ ، وان فعل مضارع أصل بالنسبة إلى أسماء الفاعلين والمفعولين باعتبار تقدمه الرتبي عليها.
وعلى ذلك أيضا أمكن توجيه كلامهم في أصلية المصدر بالنسبة إلى سائر المشتقات بجعل مدار الأصلية على الأقربية إلى ذلك المعنى المجرد الساري في جميع المشتقات بتقريب ان المصدر حيثما كان أقرب إلى ذلك المعنى المجرد من سائر المشتقات أوجب ذلك كونه أصلا لسائر المشتقات ومادة سارية فيها بالنظر العرفي المسامحي فأطلقوا عليه بأنه هو