الاستدلال بالأمثلة المزبورة لاثبات الوضع للأعم باعتبار انه في الأمثلة المزبورة أريد من المبدأ فيها الحرفة أو الصناعة أو الملكة أو الاعداد ، فلا يضر حينئذ تلك الأمثلة بالقائل بالوضع لخصوص المتلبس الفعلي بوجه أصلا هذا محصل مرامه قدسسره.
أقول : ولايخفى ان ما افاده قدسسره بحسب الكبرى وان كان تاما الا ان تمام الاشكال في تحقق صغرياتها ، إذ نمنع كون الأمثلة المزبورة مما أريد من المبدأ فيها الحرفة أو الصناعة أو الملكة وإلا يلزم كونه كذلك في غير الأسماء من المصادر والافعال أيضا لأنه بعد انحلال الوضع في المشتقات إلى وضعين : وضع المادة ووضع الهيئة لايكاد يفرق بين الأسماء والمصادر والافعال ، مع أنه كما ترى! حيث لايكاد ينسبق الذهن من اطلاق لفظ اتجر يتجر واتجار والتجارة وكذا لفظ قضى يقضى قضاء واقض ( بصيغة الامر ) واجتهد يجتهد اجتهادا ونحو ذلك الا المبدأ الفعلي المنسوب إلى الذات دون الحرفة أو الصناعة أو الملكة ، وحينئذ فعلى ما سلكه قدسسره لابد اما من الالتزام بتعدد الوضع في المواد بدعوى وضع المادة في غير الأوصاف للمبدأ الفعلي أعني الحدث الخاص وفي الأوصاف للحرفة أو الصناعة أو الملكة ، أو الالتزام بالمجاز في خصوص الأوصاف ، وهما كما ترى ، ضرورة بعد أن يكون للمواد وضعان في الأمثلة المزبورة وضع في خصوص الأوصاف ووضع في غير الأوصاف من المصادر والافعال كبعد المجازية أيضا في خصوص الأوصاف ، لعدم مساعدة العرف والوجدان عليه كما لايخفى.
وحينئذ فالذي يقتضه التحقيق هو ان يقال : بان ما يرى من صحة اطلاق التاجر والقاضي والمجتهد والبقال والنجار ونحوها حتى في حال عدم الاشتغال الفعلي بالتجارة والقضاوة والاستنباط بل وفي حال الاشتغال بما يضادها كالأكل والشرب والنوم انما هو من جهة ان في الذات اقتضاء وجود المبدأ وفعليته الناشي ذلك الاقتضاء من جهة تكرر المبدأ منه في الخارج وجعله حرفة أو صنعة له كما في الكاسب والتاجر والبقال ونحوها ، أو من جهة جعل جاعل كالحاكم والقاضي ونحوهما ، أو من جهة تحقق الملكة له كما في المجتهد والمستنبط والمهندس ونحوها أو من جهة أخرى غير ذلك ، ففي الحقيقة لما كان قضية الحرفة والصناعة والملكة ونحوها تحقق المبدأ في الخارج أوجب ذلك اعتبار العرف بل العقلاء وجود المقتضى ( بالفتح ) أيضا عند تحقق مقتضيه ( بالكسر ) فمن هذه الجهة يحكمون بوجوده فيطلقون عليه الكاسب والتاجر والقاضي والمجتهد ولو في حال