كالسواد والحلاوة ، مع أنه ليس كذلك قطعا لقضاء الوجدان حسب ما له من الارتكاز بالمضادة التامة بين القائم والقاعد وبين العالم والجاهل والصحيح والمريض والأبيض والأسود ، كالمضادة بين مبدئيها. وحينئذ فكان نفس تلك المضادة الارتكازية بين الأوصاف المزبورة أقوى شاهد وأعظم برهان على بطلان القول بالأعم.
ولايخفى عليك بأنه هذا التقريب لايبقى موقع للاشكال عليه بما أفيد من منع المضادة بين نفس الأوصاف لكون التلبس بالوجود المطلق أعم من التلبس الفعلي ، فيمكن ان يكون جسم واحد مثلا يصدق عليه مفهوم الأبيض بمعنى اتصافه بالبياض الذي وجد فيه فانقضى عنه حال النسبة ويصدق عليه مفهوم الأسود أيضا على معنى اتصافه بالسواد المتلبس به في الحال فهذان العنوانان مما لا تضاد بينهما أصلا وانما التضاد بين مبدئيهما ولا يلزم من ذلك اجتماعهما في موضوع واحد بوجه أصلا. إذ فيه ما لايخفى فإنه بعدان كان مراد القائل بالأعم هو صدق المشتق حقيقة فعلا على المنقضى عنه المبدأ في الحال كصدقة على المتلبس الفعلي نظراً إلى دعوى كونه من المصاديق الحقيقية لمفهوم الأبيض والأسود بحيث يصح اطلاقه عليه فعلا بقولك هذا الجسم ابيض فعلا بمحض تلبسه بالبياض سابقا ، فلا جرم لا موقع لهذا الاشكال لأنه بعد تحقق المضادة الارتكازية بينهما كما فيما بين مبدئيهما واباء الوجدان عن صدق القائم والمشتغل عليه فعلا في حال تلبسه بالقعود وفراغه عن المبدأ يتم المطلوب ويبطل به دعوى القائل بالأعم ، واما المنع عن أصل تلك المضادة حتى بحسب الارتكاز فليس الا المكابرة مع الوجدان.
ثم انه من هذا البيان ظهر أيضا اندفاع ما أورد من الاشكال على صحة السلب المزبور كما عن الفصول قدسسره فيما حكى عنه : من تقريب انه ان أريد من صحة السلب صحته مطلقا فغير سديد إذ لا يصدق على من انقضى عنه القيام انه ليس بقائم مطلقا لا في الحال ولا في الماضي بل يصدق عليه انه قائم في الجملة ولو في الماضي ، وان أريد به صحته مقيدا فغير مفيد لان علامة المجاز انما هو صحة السلب مطلقا وفيما انقضى عنه المبدأ انما يصح السلب مقيدا بالحال لا مطلقا ومثل ذلك لايكون من علائم المجاز كما لايخفى. وجه الاندفاع هو ما عرفت من أن هم القائل بالأعم إنما هو صدق المشتق حقيقة فعلا على المنقضي عنه المبدأ كصدقه على المتلبس الفعلي ، نظراً إلى كونه من الافراد الحقيقية لهذا العنوان بمحض التلبس السابق ، ومن المعلوم انه يكفي في ابطاله صحة سلب