هو الذي عليه الجمهور من اتحاد الطلب والإرادة.
بقى شيء : وهو ان الطلب والإرادة بناء على اتحادهما كما هو التحقيق هل يمكن في مقام تعلقه بشيء ان يكون لمصلحة في نفسه أم لا بل لابد وأن يكون تعلقه بالشيء لمصلحة في ذلك الشيء؟ حيث إن فيه وجهين ، وربما يترتب عليه ثمرات مهمة ، منها في مسألة الملازمة المعروفة بين حكم العقل والشرع ، حيث إنه بناء على امكان ان يكون الإرادة لمصلحة في نفسها يسقط النزاع المزبور إذ حينئذ بمجرد درك العقل حسن شيء أو قبحه لايمكننا كشف حكم الشارع فيه بالوجوب أو الحرمة ، كما أنه كذلك أيضا في طرف العكس فإذا حكم الشارع بوجوب شيء أو حرمته لايمكن الكشف به عن حسن ذلك الشيء الذي امر به الشارع أو قبحه ، من جهة احتمال ان يكون حكم الشارع فيه بالوجوب أو الحرمة لمصلحة في نفس حكمه وطلبه. وهذا بخلافه على الثاني من كونه لمصلحة في متعلقه ، فإنه حينئذ يكون كمال المجال لدعوى الملازمة خصوصا من طرف حكم الشرع ، فيتم ما بنوا عليه من أن الواجبات الشرعية ألطاف في الواجبات العقلية ، إذ حينئذ بمجرد حكم الشارع في شيء بالوجوب أو الحرمة يستكشف منه لا محالة كشفا قطعيا عن حسن ذلك الشيء أو قبحه. نعم في تمامية تلك الملازمة من طرف حكم العقل فيما لو أدرك حسن شيء أو قبحه اشكال كما سيأتي ينشأ من عدم كون مجرد الصلاح في شيء علة لحكم الشارع فيه بالوجوب بل وانما غايته كونه مقتضيا لذلك فيمكن حينئذ ان يمنع عن تأثيره مانع أو مزاحم.
وعلى كل حال : فالذي يقتضيه التحقيق في أصل المسألة هو الوجه الثاني وهو لزوم كون الإرادة في مقام تعلقه بشيء لمصلحة في ذلك الشيء لا لمصلحة في نفسها ، والعمدة في ذلك انما هي الوجدان حيث يرى الانسان بالوجدان وماله من الجبلة والارتكاز في تعلق حبه أو بغضه بشيء انه انما يكون لما يجد في ذلك الشيء من الخصوصية الموجبة لملائمة النفس وانبساطها أو الخصوصية الموجبة لمنافرة النفس واشمئزازها ، وانه بدون تلك الخصوصية المستتبعة للانبساط أو الاشمئزاز لايكاد يوجد للنفس ميل ولا محبة إلى ذلك الشيء بوجه أصلا ، كيف وانه لولا ذلك لاتجه عليه اشكال الترجيح بلا مرجح في الامرين المتساويين في جميع الخصوصيات بل في أمر واحد بأنه لم صار ذلك الشيء محبوبا لا مبغوضا؟ إذ حينئذ لا محيص الا من دعوى ان تعلق الحب والبغض بشيء انما هو