الأصحاب في حملها على الوجوب عند اطلاقها وحينئذ فبعد ثبوت هذا الظهور للصيغة وتسلمه عندهم لا يهمنا البحث عن منشئه وانه هو الوضع أو قضية الاطلاق بأحد التقريبين المتقدمين أو غيرهما من الغلبة وغيرها ، إذ لايترتب عليه فائدة مهمة بوجه أصلا ، وان لم يبعد دعوى استناد الظهور المزبور إلى قضية الاطلاق بما تقدم تقريبه سابقا وذلك من جهة ان دعوى الاستناد إلى قضية الوضع بعيدة جدا خصوصا بعد ما يرى من صحة استعمالها في موارد الاستحباب بلا رعاية عناية تقتضيه.
واما التشبث بأصالة عدم القرينة لا ثبات الوضع في خصوص الوجوب فقد عرفت الجواب عنها بأنها انما تكون حجة ومتبعة عند العقلاء في كشف المرادات لا في تعيين الأوضاع ، حيث إنه لا دليل لفظي على حجيتها حتى يؤخذ باطلاقها حتى في تعيين الأوضاع.
لكن مع ذلك كله ربما يميل النفس إلى كونها حقيقة في خصوص الوجوب نظراً إلى ما هو المتبادر منها مؤيدا ذلك بأصالة تشابه الأزمان المقتضي لكون وضعها لخصوص الطلب الإلزامي ، فتدبر.
الجهة الثالثة
إذا وردت جملة خبرية في مقام بيان الحكم الشرعي من نحو قوله : تغتسل ، وتعيد الصلاة ، ويتوضأ ، وقوله عليهالسلام : إذا حال الحول اخرج زكاته ، ونحو ذلك فلا اشكال في أنه ليس المراد منها هو الاخبار عن وقوع الفعل من المكلف كما في غيره من موارد الاخبار ، بل وان المراد منها انما هو الطلب والبعث نحو الفعل والعمل ، وانما الكلام والاشكال في أنها هل كانت مستعملة في الطلب أو الارسال بما هو مفاد الصيغة مجازا؟ أو انها مستعملة في معناها الذي تستعمل فيه في مقام الاخبار وهو النسبة الايقاعية لكنه بداعي إفادة ملزومه وهو الطلب والبعث؟ نظير باب الكنايات كما في قولك : زيد كثير الرماد ، مريدا به إفادة ملزومة الذي هو جوده وسخائه ، حيث إن استعمالك ذلك كان في معناه الحقيقي لكن الداعي على هذا الاستعمال هو الاعلام بملزومه الذي هو جوده وسخائه ففي المقام أيضا كانت الجملة الخبرية مستعملة في معناها الذي تستعمل