جهة عليه الهيئة لتحقق المادة خارجا ، كذلك في الأوامر أيضا ، حيث إنه بعين هذا التقريب أي تقريب اطلاق الهيئة وتحكيمه على اطلاق المادة يستكشف في الأوامر أيضا عن أن المطلوب فيها هو الطبيعة بوجودها الساري في ضمن جميع الافراد لا صرف وجودها المتحقق بأول وجودها كما هو واضح ، وبذلك يثبت المطلوب الذي هو اقتضاء الامر للتكرار هذا.
ولكن فيه أيضا ما لايخفى ، إذ نقول : بان ما أفيد وان تم لا ثبات الدوام والاستمرار في باب النواهي الا انه يمنع عن جريان التقريب المزبور في باب الأوامر من جهة وضوح الفرق بين المقامين ، وحاصل الفرق بين المقامين في جريان اطلاق الهيئة وصحة تحكيمه على اطلاق المادة في باب النواهي وعدم جريانها في باب الأوامر هو ان صحة تحكيم اطلاق الهيئة في باب النواهي واستفادة الدوام الاستمرار منه انما هو من جهة عدم ترتب محذور العسر والحرج في الترك على الدوام والاستمرار ، بخلافه في الأوامر فإنه فيها يلزم من تحكيم قضية اطلاق الهيئة على اطلاق المادة محذور العسر والحرج الشديد ، فمن هذه الجهة ربما يمنع مثل هذا المحذور في باب الأوامر عن جريان اطلاق الهيئة فيها والاخذ بها ، ومع عدم جريان الاطلاق فيها لا جرم يبقى اطلاق المادة فيها على حاله سليما عن المزاحم ، ومقتضاه كما عرفت هو كون تمام المطلوب عبارة عن صرف الطبيعي المتحقق بأول وجوده دون الطبيعة السارية ، وعليه فلا مجال للتشبث بمثل هذا البيان أيضا لا ثبات التكرار في الأوامر وان صح ذلك في باب النواهي ، كما هو واضح. (١)
ثم انه يبقى الكلام حينئذ في بيان الثمرة بين الأقوال المزبورة فنقول : أما الثمرة بين القول بالطبيعة وبين القول بالمرة بمعنى الفرد أو الوجود الواحد فظاهرة فيما لو أتى دفعة
__________________
١ ـ أقول ولايخفى عليك انه لا يتم هذا التقريب في باب النواهي أيضا ويظهر وجه من جهة تبعية الهيئة ثبوتا اطلاقا وتقييدا للمادة حسب تقدمها عليها وكيفية قيام المصلحة بها بصرف وجودها أو بوجودها الساري ، إذ حينئذ تكون الهيئة تابعة للمادة ومن شؤونها ، وحينئذ فمع جريان الاطلاق في المادة لايبقى مجال لجريان الاطلاق في طرف الهيئة حتى يقع بينهما التزاحم باعتبار كون قضية اطلاقها حاكما على اطلاقها ، ومعه كيف المجال لدعوى تقديم اطلاق الهيئة على اطلاقها وتحكيمها عليها وان كان الأستاذ دام ظله مصرا بذلك في مقام ابداء الفرق بين الأوامر والنواهي فتأمل.
« المؤلف ، قدسسره ».