الجهة الثامنة :
هل الصيغة تقتضي الفور أو التراخي أو لاتقتضي شيئا منهما الا طلب ايجاد الطبيعة الجامعة بين الفور والتراخي؟ فيه وجوه وأقوال : أقواها الأخير ، نظراً إلى عدم اقتضاء وضع المادة وكذا الهيئة لشيء من ذلك ، اما المادة فلما عرفت من عدم دلالتها الا على صرف الطبيعي ، واما الهيئة فلعدم دلالتها أيضا الا على طلب الطبيعة المجامع مع الفور والتراخي ، بل ومع الشك أيضا ربما كان قضية اطلاق المادة هو سقوط الغرض وتحقق الامتثال بالاستعجال الملازم لزمان الحال والتأخير الملازم لزمان الاستقبال بل كان امر التمسك بقضية اطلاق المادة في المقام أهون من المقام السابق نظراً إلى سلامته عن المزاحمة مع اطلاق الهيئة كما هناك وذلك لعدم اقتضاء لاطلاق الهيئة للاستعجال والفورية في المقام كي يقع بينهما المزاحمة كما هو واضح ، وحينئذ فمقتضى اطلاق المادة هو تحقق الامتثال باتيان الطبيعة وايجادها بنحو الاستعجال أو التراخي.
نعم لو اغمض عما ذكرنا لايتوجه على القول بالفور بعدم مأخوذية الزمان في المشتقات ، وذلك من جهة وضوح ان نظر القائل بمطلوبية الفور انما هو إلى مجرد الاستعجال والمسارعة في ايجاد المأمور به المنطبق في الزمانيات على أول الأزمنة بعد الامر بلا مدخلية للزمان فيه بنحو القيدية أصلا ، كما أن نظر القائل بالتراخي انما هو إلى ما يقابل ذلك ، ومعه لايتوجه عليه الاشكال المزبور كما هو واضح.
وكيف كان فاستدل للفور بأمور :
منها : ما قيل في وجه ابطال الواجب المعلق من استحالة انفكاك الإرادة عن المراد وذلك بتقريب : ان الإرادة التشريعية انما هي كالإرادة التكوينية بلا فرق بينهما الا من جهة الاقتضاء والعلية حيث كانت الإرادة التكوينية علة لتحقق المراد في الخارج وكانت الإرادة التشريعية مقتضية له ، وحينئذ فكما ان الإرادة التكوينية لايمكن تخلفها عن المراد في الخارج ولو آنا ما كذلك الإرادة التشريعية حيث إن مقتضاها أيضا لزوم اتصال حركة العبد بأمر المولى وطلبه من جهة ان حركة العبد في الإرادات التشريعية بمنزلة حركة المريد في الإرادة التكوينية ولا نعني من الفور الا قضية اتصال حركة المأمور نحو