تقدير لايكاد يكون قضية الاتيان بثاني الوجود حقيقة من باب الامتثال بعد الامتثال.
ثم إن ما ذكرناه من التشقيق بين كون الاتيان بالمأمور به تارة علة لحصول الغرض وأخرى مقتضيا لذلك على معنى مدخلية اختيار المولى إياه في تحقق غرضه انما هو بحسب مقام الثبوت. واما بحسب مقام الاثبات فربما أمكن دعوى ظهور الأدلة في علية الاتيان بالمأمور به لحصول الغرض وسقوط الامر نظراً إلى تحقق الامتثال بمحض ايجاد المأمور به في الخارج ، وعليه فلا مجال للاتيان بالمأمور به ثانيا بعنوان إطاعة الامر الأول الا إذا قام دليل بالخصوص على جوازه ومشروعيته ، كما في باب إعادة من صلى فرادى جماعة حيث ورد الامر فيه بالخصوص على إعادة الصلاة جماعة معللا فيه بان الله يختار أحبهما فيستكشف منه حينئذ عدم كون مجرد الاتيان بالمأمور به علة لحصول الغرض بل وان لاختيار المولى أيضا دخلا في حصول غرضه ، كما نظيره في مثال الامر بالماء لأجل غرض رفع العطش ، اللهم الا ان يقال : بان الامر بإعادة من صلى منفردا جماعة انما هو لأجل تحصيل المصلحة القائمة بخصوصية الجماعة حيث إنه لما كان لايمكن استيفاء تلك المصلحة الا بإعادة الصلاة امر جديدا استحبابا بإعادة أصل الصلاة على الكيفية الخاصة ، وعليه فلا مجال لاستكشاف عدم علية مجرد الاتيان بالمأمور به لحصول الغرض الداعي على الامر به ومدخلية اختيار المولى أيضا في ذلك ، ولكن مثل هذا المعنى ينافيه قضية التعليل الوارد في الخبر ( بان الله سبحانه يختار أحبهما إليه ) فان مقتضي التعليل المزبور هو مدخلية اختيار المولى أيضا في حصول غرضه ومرامه ولازمه وقوع الامتثال بخصوص ما اختاره المولى وأحبه منهما وصيرورة الآخر لغوا محضا فتدبر.
وعلى ذلك أيضا يمكن ان يحمل عليه كلام الجبائي من مصيره إلى عدم الاجزاء ، وذلك بارجاع كلامه إلى عدم الاجزاء بالمعنى الذي ذكرناه امكانا ، نظراً إلى احتمال عدم كون المأتى به علة تامة لحصول الغرض وسقوط الامر بشهادة التعليل الوارد في الامر بإعادة من صلى فرادى جماعة ، وعلى كل فهذا كله فيما يتعلق بالمقام الأول.
وأما المقام الثاني فيقع البحث فيه في اجزاء المأتى به الاضطراري عن المأمور به الواقعي الاختياري ، على معنى عدم وجوب الإعادة بعد طرو الاختيار في الوقت وعدم وجوب القضاء في خارج الوقت ، في قبال عدم اجزائه ولزوم الاتيان بالمأمور به الاختياري بعد طرو الاختيار إعادة في الوقت وقضاء في خارجه ، فنقول :