واما عمومات الاضطرار كحديث الرفع وقوله ( كل شيء اضطر إليه ابن آدم فقد أحله الله ) بناء على كونها جملة مستقلة كما ادعاه بعض الاعلام بان الموجود في بعض النسخ الصحيحة هكذا ( التقية في كل شيء وكل شيء اضطر إليه ابن آدم فقد أحله الله ) لا مربوطا بقضية الصدر كما في أكثر النسخ بأن ( التقية في كل شيء اضطر إليه ابن آدم ) الخ (١) إذ عليه لايرتبط بمطلق الاضطرار بل تختص بالاضطرار في التقية الذي عرفت الحال فيه مفصلا ، فتطبيقها تارة يكون على نفس الجزء أو الشرط أو المانع المضطر إليه ، وأخرى على نفس المركب والمقيد باعتبار ان الاضطرار إلى الجزء أو الشرط يوجب الاضطرار إلى نفس المركب والمقيد ، فعلى الثاني لا اشكال في أنه لا مقتضى للاجزاء ، لان مفاد دليل الاضطرار بعد تطبيقه على المركب والمشروط انما هو جواز ترك المركب والمشروط تكليفا عند تعذر جزئه وشرطه وحينئذ فبعد طرو الاختيار يجب القضاء بلا كلام ، واما على الأول من فرض تطبيقه على نفس الجزء أو الشرط المتعذر فمقتضاه هو الاجزاء لا محالة من جهة اقتضاء تطبيقه حينئذ على الجزء أو الشرط المتعذر لرفع جزئية ما كان جزء وشرطية ما كان شرطا في حال الاختيار وقضية ذلك لا محالة كانت هو الاجزاء.
وهكذا الحال في عمومات الحرج من نحو قوله سبحانه ( ما جعل الله عليكم في الدين من حرج ) حيث إنه بتطبيقها على الجزء أو الشرط الحرجي يستفاد الاجزاء بلحاظ اقتضائها لتحديد دائرة الشرطية والجزئية والمانعية بغير صورة الحرج كما يشهد له أيضا ما في خبر عبد الاعلى مولى آل سام من تطبيقه عليهالسلام تلك القاعدة على شرطية المباشرة في المسح بقوله عليهالسلام : ( يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عز وجل ، قال الله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج امسح على المرارة ) ، حيث إنه عليهالسلام اخذ بأصل المسح والقى قيد مباشرة البشرة بنفس تلك القاعدة فأمر بايجاد المسح على المرارة هذا.
ولكن الأستاذ دام ظله منع عن تطبيق تلك العمومات على الجزء والشرط والمانع ببيان ان مفاد تلك العمومات انما كان أحكاما امتنانية ولابد في تطبيقها على مورد ان لا
__________________
١ ـ الوسائل ، ج ١١ ، الباب ٢٥ من أبواب الأمر والنهي ، الحديث ٢.