ان تمام المنشأ في مصير من صار إلى مقدمية الاجزاء انما هو من جهة الخلط بين المركبات الحقيقية العقلية التي انقلب فيها الاجزاء حال تركبها عما لها من الصور الخاصة إلى صورة أخرى ثالثة وبين هذا النحو من المركبات الاعتبارية الجعلية ومقايسة إحديهما بالأخرى ، ولكنك بعد ما أحطت خبرا بما ذكرنا تعرف وضوح الفرق بينهما وعدم صحة مقايسة أحدهما بالآخر.
ثم انه لو بنينا على تحقق مناط المقدمية في اجزاء المركب اما مطلقا أو في خصوص ما كان منها تحت هيئة خارجية مع كون الهيئة أيضا مما لها الدخل في الغرض والمصلحة حيث قلنا في تلك الصورة بتحقق مناط المقدمية في الاجزاء بالنسبة إلى الهيئة العارضة عليها ، نقول بامتناع اتصافها بالوجوب الغيري بعد فرض ثبوت الوجوب النفسي الضمني لها نظراً إلى محذور اجتماع المثلين في موضوع واحد الذي هو من المستحيل. واما توهم تأكد الوجوب فيها حينئذ واشتداده فمدفوع بامتناع ذلك مع طولية الحكمين ، كما أن توهم اجداء مثل هذه الطولية حينئذ في رفع المحذور المزبور مدفوع بان الطولية الموجبة لرفع محذور اجتماع المثلين أو الضدين انما هي الطولية في ناحية الموضوع كما في موارد الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري ، حيث كان متعلق أحد الحكمين عبارة عن ذات الشيء ومتعلق الاخر هي الذات في الرتبة المتأخرة عن الشك بحكمه ، واما في فرض وحدة الموضوع وعدم تعدد الرتبة فيه فلايكاد يفيد مجرد الطولية بين الحكمين في رفع محذور اجتماع الحكمين المتضادين أو المثلين ، لان العقل كما يأبى عن ورود حكمين عرضيين على موضوع وحداني كذلك يأبى عن ورود الحكمين الطوليين أيضا كما هو واضح فتأمل.
لايقال : بأنه انما يتوجه المحذور المزبور بناء على تعلق الاحكام بالخارج اما بدوا أو بتوسيط العناوين والصور ، واما بناء على تعلقها بالعناوين والصور الذهنية ولو بالنظر الذي ترى خارجية بلا سرايتها منها إلى الخارج ، فلا جرم يرتفع المحذور المزبور ، من جهة تغاير المتعلقين حينئذ ، لان لحاظ الجزء منفردا لا في ضمن الغير ولحاظه في ظرف الانضمام بالجزء الآخر صورتان متغايرتان في الذهن غير صادقة إحداهما على الأخرى ، ومعه فلا بأس بتعلق الوجوب النفسي بإحدى الصورتين والوجوب الغيري بالأخرى.
فإنه يقال : نعم وان كان المتعلق في الاحكام والإرادات هي العناوين والصور الذهنية فأمكن تعلق الحكمين بالعنوانين المتغايرين ولو مع اتحادهما بحسب المعنون