وعلى أي حال نقول : بأنه كان المراد من اعتبار حيث الايصال ودخله في الواجب بنحو القيدية اعتباره فيه على الوجه الأول فبطلانه ظاهر من جهة استلزامه لاخذ موضوع الوجوب الغيري في رتبة متأخرة عن وجود ذيها ، وهو كما ترى من المستحيل ، حيث إنه ينافي جدا مقدمية الذات لوجود ذيها ، وترتب مثل هذا المحذور عليه انما هو من جهة اقتضاء الترتب المزبور بنحو الظرفية للذات تقدمه عليها الملازم لتأخر المقدمة رتبة عنه وعن وجود ذيها أيضا وهذا كما عرفت مناف لمقدمية الذات لوجود ذيها وكونها في رتبة سابقة عليه كما هو واضح ، وان كان المراد من اعتبار الايصال دخله في الواجب على الوجه الثاني فعليه وان يسلم عن هذا الاشكال بلحاظ عدم اقتضائه حينئذ الا تقدمه على حيث وصف التقيد لا على نفس الذات ، فكانت الذات حينئذ محفوظة في رتبة سابقة على ذي المقدمة وعلى حيثية وصف الايصال والترتب ، الا انه يتوجه عليه كونه مخالفا لما يقتضيه الوجدان إذ بداهة الوجدان قاض بأنه لا مدخلية لعنوان الايصال والترتب فيما هو معروض الوجوب الغيري وان ما هو المعروض للوجوب الغيري لايكون الا ذات المقدمة لا هي مع التقيد بوصف الايصال إلى ذيها وان حيثية الايصال انما كانت من الاغراض الداعية إلى ايجابها فكانت من الجهات التعليلية لا من الجهات التقييدية كما لايخفى.
ثم انه أورد عليه أيضا بوجوه آخر لم يتعرض لها الأستاذ :
منها استلزامه لمحذور اتصاف ذي المقدمة مع كونه واجبا نفسيا بالوجوب الغيري ببيان ان اخذ التقيد بالايصال المنتزع عن مرحلة ترتب ذي المقدمة على المقدمة في موضوع الوجوب يقتضي كونه مشمولا للوجوب الغيري فيجب حينئذ تحصيله كوجوب تحصيل ذات المقدمة ، ولازمه هو صيرورة ذي المقدمة بلحاظ مقدمية التقيد المزبور متصفا بالوجوب الغيري ، فيلزمه اجتماع الوجوبين فيه : أحدهما الوجوب النفسي والاخر الوجوب الغيري بملاك مقدميته للمقدمة ، وهو كما ترى من المستحيل ، خصوصا في مثل المقام الذي يستلزم سراية الوجوب من ذي المقدمة بتوسيط مقدمته إلى نفسه.
ومنها لزوم اتصاف المقدمة بالوجوب بعد وجود ذيها وهو من المحال ، من جهة ان مثل هذا الصقع هو صقع سقوط الامر عن ذيها الملازم لسقوطه عنها أيضا فلايمكن ان يكون صقعا لثبوته