بخلافه على الثاني فان الموضوع له على ذلك عبارة على الجامع المتحد مع الافراد الذي لايكاد تحققه في الذهن وفى عالم اللحاظ الا في ضمن الفرد والخصوصية ، ومن ذلك دائما يحتاج في مقام الاستعمال ومرحلة التفهيم إلى وجود دالين : أحدهما على نفس الجامع والآخر على الخصوصية ، كما أنه على ذلك يحتاج أيضا إلى توسيط آلة الملاحظة في مقام وضع اللفظ من جهة ما عرفت من عدم امكان لحاظ مثل هذا المعنى مستقلا في الذهن ، كما هو واضح.
بل ولئن تأملت ودققت النظر ترى أيضا الاحتياج إلى توسيط آلة الملاحظة حتى على القسم الأول من عام الوضع والموضوع له ، وذلك فإنه على ما هو التحقيق من مسلك السلطان : من وضع أسامي الأجناس للمهية المهملة ، لما كان لايمكن لحاظ المهية المهملة مستقلا في الذهن معراة عن خصوصية الاطلاق والتقييد ، لان كل ما يتصوره الانسان لا يخلو من كونه اما طبيعة مقيدة واما طبيعة مطلقة وعارية عن القيد والخصوصية ولا صورة ثالثة في الذهن جامعة بين الواجد للقيد وفاقده بحيث كان لها موجود مستقل في الذهن قبالا للفاقد والواجد نسميها بالمهية المهملة ، فلا جرم في مقام وضع اللفظ لهذه الطبيعة التي هي الجامعة بين الطبيعة المطلقة والمقيدة لابد من توسيط آلة ملاحظة في البين مشيرا بها إلى ما هو الجامع بين الواجد للقيد والخصوصية وفاقده الذي لايكون له وجود في الذهن الا في ضمن الواجد للقيد أو فاقده ، كما هو واضح. نعم بناء على مسلك المشهور من القدماء في وضع أسامي الأجناس : من كونها للطبيعة المطلقة الصادقة على القليل والكثير ، لايحتاج إلى توسيط آلة ملاحظة في البين في مقام الوضع ، من جهة ان نفس المعنى والمفهوم حينئذ مما أمكن لحاظه وتصوره مستقلا بلا توسيط عنوان وآلة ملاحظة في البين. ولكن مثل هذا المشرب مرمى بالضعف عند المحققين ، بل الموضوع له في أسامي الأجناس ـ كما سنحققه إن شاء الله تعالى ـ عبارة عن الطبيعة المهملة التي هي جامعة بين الطبيعة المقيدة والمطلقة التي هي مقالة المشهور من القدماء ، ومن ذلك نقول بأنه يحتاج في اثبات الاطلاق إلى التشبث بمقدمات الحكمة ، وعليه لا محيص بعد عدم امكان تصور مثل هذا الجامع ولحاظه مستقلا في الذهن من توسيط عنوان يكون آلة للملاحظة الجامع المزبور في مقام الوضع. ولكن على تقدير تكون جهة عمومية آلة الملاحظة غير مرتبطة بعالم عمومية الوضع بل وانما عمومية الوضع وخصوصية من قبيل