عبارة عن خصوص الفعل كما ربما يتوهم. واما الثالث فالمراد به هو الاقتضاء في مرحلة أصل الثبوت لا الاقتضاء في مقام الكشف والدلالة والاثبات ، ولذلك يجري هذا النزاع في الأوامر المستكشفة من الاجماع والعقل أيضا. واما الرابع وهو الضد فالظاهر أن المراد به هو مطلق المعاند الشامل للنقيض أيضا فإنه تارة يطلق ويراد به معناه الأخص وهو المعاندة بين الشيئين على نحو لايمكن اجتماعهما في محل واحد مع جواز ارتفاعهما كالسواد والبياض ، وأخرى يطلق ويراد به مطلق المعاند الشامل للنقيض أيضا بنحو لايجوز ارتفاعهما أيضا ، فكان اطلاقه في المقام بمعناه الأعم الشامل للنقيض لا بمعناه الأخص ، نعم ذلك بمعناه الأخص أيضا لايختص بالوجوديين كما توهم بل يعمه وما لو كان أحدهما أمرا عدميا كالترك الخاص بالنسبة إلى الفعل المطلق بل وأما إذا كانا معا عدميين كما في صوم يومين مع فرض عدم قدرة المكلف خارجا الا على أحد الصومين.
وإذ عرفت ذلك فاعلم بان الكلام يقع في مقامين : تارة في الضد الخاص ، وأخرى في الضد العام بمعنى الترك.
اما المقام الثاني فسيجيء انه لا اشكال فيه في اقتضاء الامر بالشيء للنهي عن ضده بمعنى الترك والنقيض ، وانما الكلام فيه بأنه أي الاقتضاء بنحو العينية أو التضمن أو الالتزام ، وسيجيء تحقيق الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
واما المقام الأول ففي اقتضاء الامر بالشيء للنهي عن ضده الخاص اشكال بين الاعلام ، والبحث فيه في الاقتضاء وعدمه يقع من جهتين :
الأولى : من جهة مقدمية ترك أحد الضدين لوجود الآخر كما عليه مبنى كثير منهم حيث بنوا على حرمة الضد المأمور به بمناط مقدمية تركه لفعل الضد الواجب. الثانية : من جهة مجرد التلازم بين وجود أحد الضدين وترك الآخر بدعوى اقتضاء هذا التلازم للتلازم بين حكميهما وصيرورة ترك الضد واجبا أيضا واقتضاء وجوب الترك بمقتضى النهى عن النقيض لحرمة فعله.
ولايخفى عليك حينئذ ان النزاع من الجهة الأولى يكون صغرويا محضا ، فإنه بعد الفراغ عن الكبرى وهي التلازم بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته كان الكلام في اثبات الصغرى وهي مقدمية ترك أحد الضدين لوجود الاخر ، بخلافه في النزاع من الجهة الثانية فإنه يكون في أصل كبرى لزوم اتحاد المتلازمين في الحكم ، والا فاصل