الترك إلى النقيض بقلب الإرادة إلى عدمها والترك إلى الفعل فقهرا يكون العدم مستندا إلى مجموع الامرين من وجود الصارف وفعل الضد الذي هو المانع ، لا انه مستند إلى خصوص الصارف وعدم الإرادة ، وعليه يتوجه محذور الدور المزبور نظراً إلى فعلية التوقف حينئذ من الطرفين ، كما هو واضح ، هذا.
ولكن الأستاذ ( دام ظله ) أجاب عن ذلك أخيرا ، وبنى على الترتب والطولية بين اجزاء العلة التامة من المقتضي والشرط والمانع ، والتزم بتقدم المقتضي على الشرط والمانع رتبة بمقتضي ما بنى عليه من اختلاف اجزاء العلة في كيفية الدخل في وجود المعلول برجوع بعضها كالمقتضي إلى كونها مؤثرات ومعطيات الوجود ، ورجوع بعضها إلى كونها معطيات الحدود للوجود كالشرط وعدم المانع ، فإنه عليه يكون المقتضي باعتبار كونه مؤثرا ومعطيا لأصل الوجود مقدما رتبة على ما يكون دخله في حدود ولو بنحو دخل منشأ الاعتبار في الامر الاعتباري ، كتقدم ذات الوجود على حده العارض عليه رتبة ، وحينئذ فعند انتفاء المقتضي ووجود المانع لا جرم يكون العدم مستندا إلى عدم ثبوت المقتضي ، ولا مجال لاستناده إلى وجود المانع أو عدم شرطه الا في ظرف ثبوت أصل المقتضي للوجود ، وحينئذ ففي المقام أيضا حيثما كان عدم الإرادة والصارف أسبق رتبة من الشرط والمانع بمقتضي حفظ الرتبة بين النقيضين فقهرا يكون العدم عند عدم الإرادة مستندا إلى الصارف لا إلى وجود المانع وهو الضد حتى يتوجه محذور الدور المزبور ، وهو واضح.
وحينئذ فالعمدة في الاشكال على المقدمية هو ما ذكرنا من لزوم كون الشيء في رتبتين نظراً إلى مقدمية ترك كل واحد من الضدين بعد كون المطاردة من الطرفين لوجود الضد الاخر ، بل ذلك أيضا لازم للاشكال الثاني أيضا نظراً إلى بقاء غائلة الدور وهو لزوم كون الشيء في رتبتين بعد على حاله وان اندفع فعلية التوقف بالبيان المزبور ، كما هو واضح.
وحينئذ فبعد ان ظهر بطلان مقدمية ترك الضد الاخر فلا جرم لايبقى في البين الا مجرد التلازم بين وجود أحد الضدين وترك الاخر ، وفي مثله نقول بان من الواضح أيضا عدم اقتضاء مجرد التلازم بين الشيئين التلازم بين حكميهما أيضا بحيث لابد وان يكون محكوما بحكم ملازمه كي بعد اثبات وجوب الترك بالمناط المزبور يحكم بحرمة نقيضه وهو الفعل بمقتضي النهى عن النقيض ، وذلك لان غاية ما يقتضيه الملازمة