المكلف من ترك كلا الامرين كما في ضدين لهما ثالث ، والا ففي مثل المقام المفروض عدم تمكن المكلف من ترك كلا الامرين لايكاد مجال للامر التخييري واعمال الجهة المولوية لا بالنسبة إلى ترك المجموع ولا بالنسبة إلى أحد الفعلين نظراً إلى امتناع الأول في نفسه وقهرية حصول أحد الفعلين ، كما هو واضح. هذا إذا كان الضد ان مما ليس لهما ثالث.
وأما إذا كان الضدان مما لهما ثالث بحيث يتمكن المكلف من ترك كلا الامرين معا كما في الامر بانقاذ الغريقين وكما في مثل الصلاة والإزالة ففي مثله لا اشكال في أنه ليس له ترك كلا الامرين معا وانه يجب عليه الاتيان بأحد الامرين مخيرا بينهما لا مجرد التخيير بينهما عملا كما في الصورة الأولى بلا الزام شرعي أو عقلي في البين ، وذلك من جهة ان الممنوع حينئذ انما هو وجوب كل واحد منهما عليه بالزام تعييني على الاطلاق بنحو يقتضي المنع عن جميع أنحاء تروكه حتى الترك في حال وجود الاخر ، واما وجوب كل واحد منهما عليه تخييرا فلا مانع يمنع عنه بعد فرض تمكن المكلف من اتيان أحد الامرين وتمكنه أيضا من ترك الجميع ، فإنه حينئذ يكون كمال المجال لأعمال الجهة المولوية بالامر بهما تخييرا ، وهذا بخلافه في الصورة الأولى فإنه فيها من جهة عدم تمكن المكلف من ترك كلا الامرين وقهرية حصول أحد الامرين عند ترك الاخر الا جرم لايبقى في مثله مجال الامر المولوي بأحد الامرين ولو بنحو التخيير بوجه أصلا فهذا مما لا اشكال فيه ولا كلام ، وانما الكلام فيها ينتهي إليه مرجع هذا التخيير وانه هل هو راجع إلى تقييد الطلب في كل من الامرين بعدم الاخر وعصيانه؟ أو راجع إلى غير ذلك؟ بل مثل هذا الكلام لايختص بالمقام فيجري في كلية التخييرات الشرعية.
فنقول : ان المتصور في ذلك هو أمور :
أحدها : رجوعه إلى تقييد الطلب في كل من الواجبين بعدم الاخر اما بعدمه المحفوظ قبل الامر واما بعدمه المتأخر عن الامر المنتزع عنه عنوان العصيان الذي هو نقيض الإطاعة.
وثانيها : رجوعه إلى تقييد الواجب في كل منهما بعدم الاخر مع اطلاق الطلب فيهما ، وذلك أيضا اما بأخذ القيد في كل منهما مطلق عدم الاخر بنحو يقتضي وجوب تحصيله واما بأخذه عبارة عن العدم الناشي من قبل سائر الدواعي غير دعوة الامر والطلب بحيث