الغير ومستفادة من لفظ الاسم وهو زيد أو المجيء ، لما عرفت من أن لفظ زيد لا يدل بحسب وضعه الا على ذات زيد بما هي عارية عن خصوصية وقوعه فاعلا أو مفعولا أو حالا في الكلام ، فيحتاج حينئذ في إفادة خصوصية وقوعه فاعلا أو مفعولا في الكلام إلى أن يكون بدال آخر وهذا الدال لايكون الا الهيئة والرفع في قولك جاء زيد أو النصب في قولك : ضربت زيدا. وحينئذ فما أفيد من التسلم على عدم المعنى للأعراب وانها علامة محضة لتعرف حال الاسم من حيث وقوعه فاعلا ومفعولا أو حالا في التركيب الكلامي مشبها للحروف بها أيضا في ذلك واضح البطلان في كل من المشبه والمشبه به كما هو واضح.
وحينئذ فبعد أن ظهر فساد هذا المشرب يبقى الكلام في غيره من المشارب الاخر وانه بعد أن كان للحروف معان في نفسها فهل هي من سنخ المعاني الآلية؟ أو انها من سنخ الاعراض الخارجية في قيامها بمعروضاتها؟ أو انها من سنخ النسب والارتباطات المتقومة بالطرفين؟ حيث إن فيه وجوها وأقوالا منشأه ما هو المعروف المشهور من تعريفها : بأنها مفاهيم تكون في نفس حقيقتها غير مستقلة بالمفهومية المعبر عنها : تارة بأنها ما دل على معنى في غيره ، وأخرى بأنها ما دل على معنى غير مستقل بالمفهومية ، قبالا للاسم الذي عرفوه : بأنه ما دل على معنى في نفسه ومستقل بالمفهومية. ففي الحقيقة منشأ هذا النزاع انما هو في وجه عدم استقلال المعنى الحرفي وكيفية احتياجه وقيامه بالغير ، وانه من قبيل قيام المرآة بالمرئي في كونه ملحوظا باللحاظ الآلي ومنظورا بالنظر المرآتي ، أو من قبيل قيام الاعراض الخارجية بمعروضاتها ، أو من قبيل الارتباطات القائمة بالطرفين بحيث كان عدم استقلال المعنى الحرفي باعتبار نفس ذاته لا باعتبار اللحاظ كما هو قضية الوجه الأول ، والا ففي أصل كون المعنى الحرفي معنى غير مستقل لا شبهة فيه عندهم.
وحينئذ نقول بان المشارب في هذا المقام ثلاثة :
أحدها : ما سلكه الفصول وتبعه المحقق الخرساني قدسسره وبعض آخر من كون معاني الحروف معاني آلية ، وان الفرق بينها وبين الاسم انما هو باعتبار اللحاظ الآلي والاستقلالي والا فلا فرق بين المعنى الحرفي وبين المعنى الأسمى ، فإذا لو حظ المعنى في مقام الاستعمال باللحاظ الآلي يصير معنى حرفيا وإذا لو حظ باللحاظ الاستقلالي يصير معنى اسميا فيكون المعنى والملحوظ في الحالتين معنى واحدا لا تعدد فيه ولا تكثر ، وانما