وأما إذا كان متعلقا بصرف وجود الطبيعي الغير القابل للانطباق الاعلى أول وجود فكذلك أيضا ، غاية الامر انه في فرض تعلق الحكم بالطبيعة السارية يكون الحصص المحفوظة في ضمن كل فرد بتمام حدودها مشمولة للحكم ، ومن ذلك يصير كل فرد بما انه مصداق للطبيعي واجبا تعيينا ، بخلافه في فرض تعلقه بصرف وجود الطبيعي الجامع بين الافراد فان مشمولية الحصص الفردية حينئذ للوجوب انما يكون ببعض حدودها أعني حدودها المقومة لطبيعتها واما الحدود المقومة لشخصية الحصة المحفوظة في كل فرد التي هي مقسمة للطبيعي لا مقومة له فهي خارجة عن حيز الوجوب ومرجع ذلك كما عرفت في مبحث الواجب التخييري إلى لزوم سد باب العدم في كل حصة وفرد من قبل حدود عاليها المقومة لطبيعتها دون حدودها المقومة لشخصيتها المقسمة لطبيعتها الراجع ذلك إلى وجوب كل فرد من الافراد لكن بوجوب ناقص بنحو لايقتضي المنع الا عن بعض أنحاء تروكه وهو الترك الملازم لترك بقية الحصص الأخرى ، ونتيجة ذلك كما عرفت سابقا هي صيرورة الافراد المزبورة واجبة بوجوب تخييري شرعي لا بوجوب تخييري عقلي محض كما هو مبنى القول بوقوف الطلب على نفس الطبيعي والجامع وعدم سرايته منه إلى الافراد أصلا ، فتدبر.
الثامن من الأمور
التزاحم بين المصلحة في الشيء ومفسدته تارة يكون في مقام التأثير في الرجحان والمرجوحية ومن حيث ايراث الحب والبغض ، وأخرى يكون التزاحم بينهما في عالم الوجود والتحقق بحيث يدور الامر بين وجود المفسدة وفوت المصلحة وبالعكس ، فعلى الأول لاينبغي الاشكال في أن الأثر للأقوى منهما ولا يلاحظ في هذه المرحلة مقام مزاحمتهما في عالم الوجود ، وان فرض امكان دركهما معا ولو في ضمن فردين ، وحينئذ فلو فرض قيام مصلحة أهم بصرف الطبيعي والجامع فقهرا بمقتضي ما عرفت في المقدمة السابقة من سراية المحبوبية من الجامع إلى الفرد ولو ببعض حدوده يصير الفرد بحدوده المقومة لعاليه تحت المحبوبية الفعلية وتلغو المفسدة المزبورة عن التأثير في المبغوضية فيه بالقياس إلى هذا الحد لمكان أهمية المصلحة المزبورة واما بالقياس إلى حدوده المقومة