في الرجحان والمرجوحية وبين مقام تأثيرهما في الايجاد ، نظراً إلى أن المفسدة حينئذ كما تقتضي مبغوضية الفرد بتمام حدوده كك المصلحة أيضا تقتضي محبوبية الفرد بتمام حدوده وفي مثله لا محالة يكون الأثر للأقوى منهما حتى في عالم الوجود أيضا مصلحة كانت أو مفسدة ، والوجه فيه واضح ، لان المزاحمة حينئذ كما تكون بينهما في عالم التأثير في الحب والبغض ، كك تكون المزاحمة بينهما في عالم الوجود أيضا ، وفي مثله يكون الأثر لما هو الغالب منهما ، ومن ذلك أيضا لا يجري ما ذكرنا في النواهي التنزيهية في موارد يكون الامر بنحو الطبيعة السارية إذ لايمكن الالتزام فيها بالكراهة المصطلحة بالتقريب المتقدم ، بل بعد الفراغ عن صحة العبادة لابد من المصير إلى محامل أخر : اما بصرف النهى عن ظاهره والحمل على أقلية الثواب ، أو بصرفه عن نفس العبادة إلى حيثية ايقاعها وكينونتها في وقت كذا ومكان كذا نظير النهى عن جعل الماء للشرب في كأس كثيف ، أو غير ذلك من المحامل الاخر.
في بيان ما هو الحق في المسألة
وحيث اتضح لك هذه الأمور فنقول : ان اختلاف العنوانين لو كان في صرف كيفية النظر لا في المنظور فلاينبغي الاشكال فيه في عدم جواز الاجتماع ، وذلك لوضوح ان المنظور بعد ما كان فيهما واحدا ذاتا وجهة لايكاد يتحمل طرو الصفتين المتضادتين المحبوبية والمبغوضية ، من غير فرق في ذلك بين ان نقول بتعلق الاحكام بالخارجيات أو بالعناوين والصور الذهنية ، وذلك لان الصور وان كانت متغايرة ولكنها بعد ما كانت مأخوذة بنحو لا ترى الا خارجية وكان المنظور فيهما واحدا ذاتا وجهة فقهرا يرى المنظور فيهما غير قابل لطرو الصفتين المتضادتين عليه وهما المحبوبية والمبغوضية ، ومن ذلك أيضا نقول بامتناع اتصاف اجزاء المركب بالوجوب الغيري مع فرض كونها واجبة بوجوب الكل نفسيا ، وعدم اجداء مجرد الاختلاف في النظر فيها من حيث اللابشرطية والبشرط لائية في رفع محذور اجتماع المثلين بعد اتحاد الذات الملحوظة في ضمن الاعتبارين.
ومثله في عدم الجواز ما لو كان العنوانان من العناوين الاعتبارية المحضة الغير القابلة لقيام المصالح بها فإنه في مثل ذلك أيضا يكون مركب المصالح والحب والبغض هي الذات المعروضة لها ، وانها في ظرف وجود منشأها كانت من الجهات التعليلية