عند الدوران يتعين ما هو أقل محذورا من الآخر ، فان ارتكاب خلاف الظاهر بنفسه محذور ، وهو يتقدر بقدره ، هذا كله ، خصوصا بعد ملاحظة تبعية الجزاء ثبوتا للشرط بلحاظ كونه من علل وجوده ، فان هذه التعبية توجب تبعيته له عرفا أيضا في مقام الاثبات والدلالة ، فتوجب أولوية التصرف في الجزاء عند الدوران على التصرف في ناحية سببه وعلته ، من جهة اقتضائه اقوائية ظهوره من ظهوره ، كما هو واضح.
وعليه فيبطل القول بالتداخل على الاطلاق وجواز الاكتفاء بوجود واحد ، فان مبناه انما هو من جهة تحكيم ظهور الجزاء في صرف الوجود على ما يقتضيه ظهور الشرطين ، وبعد تعين التصرف في ظهوره بمقتضي تحكيم ظهور الشرطين عليه لايبقى مجال توهم التداخل وجواز الاكتفاء بوجود واحد على الاطلاق.
نعم بعد ما ظهر من لزوم تحكيم قضية الشرطين ولزوم التصرف في الجزاء بحمله على التعدد يبقى الكلام في أن قضية ذلك هل هو لزوم التصرف في خصوص الحكم وهو الوجوب مع ابقاء موضوعه ومتعلقه وهو الوضوء أو الكفارة ـ كما في المثال ـ على حاله من الظهور في صرف الوجود؟ كي يلزمه المصير إلى التفصيل المزبور بين ما قبل الامتثال وما بعده بالتداخل في الأول وعدمه في الثاني ، نظراً إلى أنه بعد الاخذ بظهور المتعلق في صرف الوجود لايكاد يكون قضية تعدد الشرط قبل الامتثال الا تأكد الطلب بالنسبة إلى المتعلق ، بخلافه فيما بعد الامتثال ، فإنه يوجب قهرا تعدد الوجوب ، أو ان قضية ذلك هو لزوم التصرف في المتعلق أيضا وحمله على وجود فوجود حسب تعدد الشروط؟ كي يلزمه المصير إلى عدم التداخل على الاطلاق ولزوم الاتيان بالكفارة متعددا حسب تعدد الشروط ، من جهة اقتضاء كل شرط وجودا للكفارة ، أو ان مقتضاه هو لزوم التعدد في ناحية متعلق المتعلق أيضا؟ فكان الواجب في مثل قوله : ان جاء زيد يجب اكرام العالم وان جاء عمر ويجب اكرام العالم ، هو اكرام العالمين ، ولا يكتفي باكرامين لعالم واحد ، بخلاف سابقه ، فإنه عليه يكتفى باكرامين لعالم واحد في نحو المثال فيه وجوه : ولكن الأقوى أوسطها ، وذلك لا لما أفيد كما عن بعض الأعاظم (١) في تقريب ذلك باقتضاء كل شرط وجودا للمتعلق وان تعدد الوجوب انما هو من جهة كونه مقتضي
__________________
١ ـ هذا البعض حضرة السيد محمد الأصفهاني قدسسره « المؤلف ، قدسسره ».