أمد الحكم الأول ، كما هو واضح ، ولكن الذي يسهل الخطب هو ظهور القضايا الغائية كلية في نفسها في رجوع الغاية فيها إلى النسبة الحكمية وان وجوب اكرام زيد في قوله : أكرم زيدا إلى أن يقدم الحاج ، هو المغيى بالغاية التي هي قدوم الحاج ، وعليه فلا جرم تكون القضية دالة على انتفاء سنخ وجوب الاكرام عن زيد عند الغاية ، من جهة ان احتمال ثبوت شخص وجوب آخر له فيما بعد الغاية مما يدفعه قضية الاطلاق المثبت لانحصاره في ذلك الفرد من الطلب الشخصي ، وهو واضح.
بقى الكلام في أن الغاية هل هي داخلة في المغيى أم خارجة عنه؟ حيث إنه قد اختلف فيه كلماتهم ، وربما ينسب الثاني إلى المشهور. وقد يظهر من بعضهم التفصيل بين الغاية المدلول عليها بحتى ونحوه وبين الغاية المدلول عليها بالي ، فالدخول في الأول دون الثاني ، بل ربما يظهر منهم أيضا تخصيص الخلاف بالغاية المدلول عليها بالى ونحوه مع جعل الغاية في نحو حتى مفروغ الدخول ، كما في قولك : اكلت السمكة حتى رأسها.
ولكن التحقيق هو خروجها عن المغيى مطلقا ، والوجه فيه ظاهر إذا الغاية للشيء عبارة عما ينتهى إليه وجود الشيء ولا يتعدى عنه فيستحيل حينئذ دخولها في الشئ.
وبالجملة نقول : بان مفاد الحروف لما كان عبارة عن النسب والارتباطات المتقومة بالطرفين ، فلا جرم في قولك : سرت من البصرة إلى محل كذا ، ما هو طرف تلك الإضافة الغائية المدلول عليها بالى انما كان هو الجزء الأخير من السير الذي هو منتهى وجوده والجزء الأول من ذلك المحل الذي هو في الحقيقة حد وجوده ، وفي مثله من المستحيل دخول الغاية في المغيى ، كما هو واضح.
بقى الكلام في أنه هل يعتبر في المفهوم ان يكون الحكم المعلق بالشرط أو الغاية بنحو أمكن ثبوته للموضوع عند انتفاء القيد كي يكون قضية اعتباره بنحو السنخ لدفع توهم ثبوت فرد آخر منه في غير مورد وجود القيد ، أو انه لا يعتبر ذلك بل يكفي في المفهوم اعتباره بنحو السنخ وان لم يمكن ثبوته في غير مورد القيد لمكان انحصاره بفرد خاص ، فيكون مثل قوله (ع) كل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام ، وكل شيء طاهر حتى تعلم أنه قذر ، من المفهوم المصطلح؟ فيه وجهان ، أظهرهما الثاني ، ولكن الذي يسهل الخطب هو عدم ترتب فائدة على هذا النزاع من جهة انتفاء الحكم على أي تقدير في نحو هذه الموارد عند