بمسألة المدلول الالتزامي في الامارات ، إذ مع الغض عن ذلك كان المجال أيضا للمنع عن جريان أصالة العموم في الطرفين ، وذلك انما هو بدعوى ان عدم جريان أصالة العموم في الطرفين انما هو من جهة منافاة العلم الاجمالي عقلا مع قضية طريقية الامارات وكاشفيتها عن الواقع ، من جهة انه مع العلم الاجمالي المزبور يقطع بمخالفة أحد الطريقين للواقع ، ومع هذا القطع يستحيل التعبد بهما في الطرفين للاستطراق إلى الواقع.
وهذا بخلافه في الأصول فان حجيتها لما لم تكن من باب الطريقية والكاشفية عن الواقع ، بل من باب التعبد المحض في ظرف الجهل واستتار الواقع ، فأمكن حينئذ التعبد بها في الطرفين في مورد العلم الاجمالي بالخلاف ما لم يلزم من جريانها المخالفة العملية للتكليف المعلوم في البين ، فتدبر. هذا كله فيما لو كان الخاص مجملا بحسب المفهوم
واما لو كان اجماله بحسب المصداق مع تردده بين الأقل والأكثر ففي جواز التمسك بالعام فيما يحتمل كونه من افراد الخاص وعدم جوازه خلاف بين الاعلام ، والأول وهو الجواز هو المنسوب إلى المشهور من قدماء الأصحاب ، وربما فصل بين المخصص اللفظي واللبي بالجواز في الثاني دون الأول ولعله هو المشهور بين المتأخرين. ولكن التحقيق كما ستعرف هو عدم الجواز مطلقا.
ثم إن غاية ما قيل في تقريب القول بالجواز هو دعوى وجود المقتضي وعدم المانع عنه.
اما الأول فمن جهة شمول العام وانطباقه على المشكوك نظراً إلى استقراره ظهوره وعدم انثلامه بالتخصيص بالمنفصل.
واما الثاني فمن جهة ان ما نعيه الخاص ومزاحمته للعام انما كانت بمقدار حجيته ، وحينئذ فإذا فرض عدم حجيته الا بالنسبة إلى ما علم كونه من افراده ومصاديقه دونه بالنسبة إلى ما شك كونه من افراده ، فقهرا فيما اشتبه كونه من افراده يرجع إلى العموم فيحكم عليه بحكمه لعدم قيام حجة فيه على خلافه.
وقد أورد عليه بان العام وان لم يرتفع ظهوره في العموم بواسطة الخاص المنفصل ، ولا كان الخاص أيضا حجة فيما اشتبه كونه من افراده ، فلايكون خطاب لاتكرم الفساق دليلا على حرمة اكرام من شك في فسقه من العلماء من جهة الشك في أصل تطبيقه على المشكوك الا ان عدم جواز الاخذ بالعام حينئذ انما كان من جهة اقتضاء قضية التخصيص حتى في المنفصل لاحداث عنوان ايجابي أو سلبي في ناحية الافراد الباقية تحت