ظهورا مستقرا ، فيزاحم حينئذ مع ظهور المتلو في العموم ، فيوجب تخصيصه بالحاضرين ، خصوصا مع احتمال مدخلية قيد الحضور في التكليف المتكفل له الخطاب ، حيث يكفي في القرينية عليه نفس الخطاب.
ومنها : ان الياء وان كان ظاهرا في الخطاب الحقيقي وضعا أو انصرافا ويحتاج إلى وجود المخاطب حين الخطاب ، الا انه يكفي في صحة الخطاب مطلق الموجودية ولو ادعاء ، بادعاء المعدوم بمنزلة الموجود ، فان ذلك امر متداول عند أهل اللسان في محاوراتهم واستعمالاتهم ، ومن ذلك ترى كثيرا انهم يدعون ما لا شعور له بمنزلة ذي الشعور ويخاطبون معه ، كقوله : ( أيا جبلي نعمان بالله خليا ) بل يثبتون للوجود الا دعائي آثار الوجود الحقيقي كما في ( انشبت المنية أظفارها ) ونحو ذلك من الاستعمالات المتداولة ففي المقام أيضا إذا ادعى المعدوم منزلة الموجود يصلح معه المخاطبة ، فلا محذور حينئذ في شمول الخطابات للمعدومين. ولكن فيه انه وان لم ينكر وقوع مثل هذه الادعاءات في نحو تلك الاستعمالات ولكنه بعد عدم صلاحية المعدوم للخطاب الحقيقي فلا محالة يكون الخطاب أيضا ادعائيا من جهة ان الخطاب الحقيقي بقصد التفهيم يستحيل توجيهه نحو المعدوم حال الخطاب. على أنه لو اغمض عن ذلك وقلنا بصحة الخطاب الحقيقي نحو الموجود الادعائي لايكاد يفيد أيضا في المطلوب من شمول الخطابات للمعدومين في زمان الخطاب ، من جهة ان ذلك كما ذكر يحتاج إلى ادعاء المعدوم بمنزلة الموجود الحقيقي ، ومثل ذلك مما لا طريق إلى احرازه ، إذ لم يعلم بان الشارع في خطابه ادعى المعدومين بمنزلة الموجود ، ومعه يشك لا محالة في شمول الحكم المتكفل له الخطاب للمعدومين ، خصوصا بعد احتمال مدخلية قيد الحضور أيضا في التكليف ، كما في وجوب صلاة الجمعة والعيدين ونحوهما ، واما قضية اطلاق الخطاب فهو أيضا غير منتج لاثبات ذلك ، من جهة عدم تكفله لاحراز موضوعه ، وعليه فكيف يمكن دعوى التعميم للغائبين والمعدومين؟
ومنها : دعوى تساوى الموجود والمعدوم في خطاباته سبحانه ، لإحاطته سبحانه بالموجود حال الخطاب والموجود في الاستقبال إلى يوم القيمة ، وفيه أيضا ما افاده في الكفاية (١) بان احاطته سبحانه وتعالى بالموجود في الحال والاستقبال لايقتضي
__________________
١ ـ ج ١ ص ٣٥٨.