الغير المفارقة عن اشخاص الحاضرين مجلس الخطاب ، بل وانما ذلك من قبيل الأوصاف المفارقة ، من جهة جواز كون المخاطبين فاقدين للحضور في أثناء عمرهم. وحينئذ فإذا جرى أصالة الاطلاق في نفى اعتبار قيد الحضور في تكليف الحاضرين فصح تمسك المعدومين لا محالة بظهور الخطابات لاثبات تعميم الحكم ، حيث إنه باجراء أصالة الاطلاق في حق المشافهين ينفى احتمال مدخلية خصوصية الحضور ثم ينفى احتمال دخل الخصوصيات الذاتية بقاعدة الاشتراك ، فيستفاد من اجل هاتين القاعدتين تعميم التكليف المستفاد من الخطاب لكل من وجود وبلغ من المعدومين ، ومعه فينتفي الثمرة المزبورة أيضا ، من جهة انه على كل تقدير يصح تمسك المعدومين باطلاقات الخطابات القرآنية وغيرها.
ومن ذلك كان الحري هو اسقاط هذا البحث من رأسه حيث إنه لا يزيد الا اغتشاشا في الأذهان الصافية ، والا فلا اشكال في جواز التمسك بالاطلاق الواردة في الكتاب والسنة للمعدومين كالمشافهين ، كما عليه أيضا ديدن الأصحاب من الصدر الأول إلى زماننا هذا ، حيث لا يزال يتمسكون عند الشك في مدخلية شيء في التكليف بالاطلاقات الواردة في الكتاب والسنة ، فكان مثل هذه التشكيكات تشكيكات في البديهيات ، كما هو واضح.
الجهة السادسة
اختلفوا في أن الاستثناء الواقع عقيب الجمل المتعددة هل هو راجع إلى الجميع أو إلى خصوص الأخيرة؟ وذلك بعد الفراغ منهم على مرجعية الأخيرة لكونها القدر المتيقن في المرجعية ، وظاهر عنوان البحث يقتضي تخصيص النزاع بما لو كان المخصص متصلا ، بان كان الخاص والجمل المتعددة في كلام واحد ، والا ففي فرض انفصاله وكونهما في كلامين مستقلين لا مجال لعنوان البحث بالاستثناء ولا لدعوى القطع بمرجعية الأخيرة بكونها القدر المتيقن من التخصيص ، إذ حينئذ يكون نسبة المخصص إلى الأخيرة والى غيرها على حد سواء ، فيحتاج تعين الأخيرة كغيرها إلى قرينة معينة ، والا فيسقط الجميع عن الحجية من جهة العلم الاجمالي بتخصيص الجميع أو احديها المرددة بين الأخيرة وغيرها ، فلابد حينئذ من الحكم عليها بالاجمال.