عائشة ، وأمّا الروايات عن ابن مسعود ، فإنّما فيها تفسير ما في النّجم ، وليس في قوله ما يدلّ على نفي الرّؤية لله. وذكرها في الصحيح وغيره.
قال يونس ، عن ابن شهاب ، عن أنس قال : كان أبو ذرّ يحدّث أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : فرج سقف بيتي وأنا بمكة ، فنزل جبريل ففرج صدري ، ثم غسّله من ماء زمزم ، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانا ، ثمّ أفرغها (١) في صدري ، ثمّ أطبقه ، ثمّ أخذ بيدي فعرج بي إلى السّماء الدنيا ، فقال لخازنها : افتح ، قال : من هذا؟ قال : جبريل ، قال : هل معك أحد؟ قال : نعم محمد ، قال : أرسل إليه؟ قال : نعم ، ففتح ،
__________________
= وهما ، بيانها في شروح البخاري .... وقد اشتدّ نكير المحقّقين على رواية شريك ، من أمثال مسلّم والخطّابيّ.
والجمهور على أنّ الإسراء والمعراج في ليلة واحدة ، وأنّهما بالروح والجسد معا ، يقظة ، ولا مجيد عن ذلك بعد صحّة الخبر ، وتمام الاعتقاد بقدرة القادر الحكيم الشاملة لكل ممكن ، وردّ ذلك كلّه إلى عالم المثال الّذي يتخيّله صاحب «حجّة الله البالغة» على عادته في المشاكل ـ خروج عن الجادّة بدون أيّ حجّة ناهضة. وأمّا ما يروى عن عائشة رضياللهعنها من قولها : ما فقد جسد رسول الله صلىاللهعليهوسلم لكنّه أسري بروحه ، فغير ثابت عنها البتّة ، لأنّه من رواية ابن إسحاق المتوفّى في منتصف القرن الثاني من إدراك زمن عائشة ، وأمّا ما يروى عن معاوية من أنّ الإسراء رؤيا صادقة ، فغير ثابت عنه أيضا ، للانقطاع بين شيخ ابن إسحاق يعقوب بن عتبة ، وبين معاوية ، لأنّه توفّي سنة ١٢٨ ، واين هذا التاريخ من وفاة معاوية. فلا يصحّ التعويل على مثل تلك الأخبار المنقطعة في ادّعاء أنّ الإسراء روحانيّ فقط ، أو في حالة النّوم فقط. وقد اختلف في ليلة المعراج متى كانت ، والّذي رجّحه النّوويّ في «الروضة» أنّها الليلة السابعة والعشرون من رجب ، وإليه ذهب ابن الأثير والرافعيّ ، ومن قال إنّها قبل سنة ونصف من الهجرة ، يكون يرى هذا الرأي مثل ابن قتيبة ، وابن عبد البرّ ، لأنّ الهجرة كانت في ربيع الأول ، فالسنة قبلها من صفر إلى صفر تراجعا ، والستّة الأشهر قبلها من المحرّم إلى شعبان بالتراجع ، فتكون الأيام الثلاثة من آخر رجب غير مذكورة تركا للكسر في الطرفين ، وعلى ذلك عمل الأمّة.
وهذا العروج ليس للتقرّب منه تعالى ، لأنّ القرب منه لا يكون بالمسافة ، قال تعالى : (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ) ، وقال صلىاللهعليهوسلم : «أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد».
(١) في حاشية الأصل هنا : (فأقره) بدلا من (أفرغها) الواردة في صلب الأصل ، وصحيح مسلّم والبخاري.