«التئما عليّ بإذن الله» ، فالتأمتا ، قال جابر : فخرجت أحضر (١) مخافة أن يحسّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بقربي ـ يعني فيبتعد ـ فجلست أحدّث نفسي ، فحانت منّي لفتة ، فإذا أنا برسول الله صلىاللهعليهوسلم مقبل ، وإذا الشجرتان قد افترقتا ، فرأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقف وقفة فقال برأسه هكذا ، يمينا وشمالا ، ثمّ أقبل ، فلما انتهى إليّ قال : «يا جابر هل رأيت مقامي»؟ قلت : نعم يا رسول الله ، قال : فانطلق إلى الشجرتين فاقطع من كلّ واحدة غصنا فأقبل بهما ، حتى إذا قمت مقامي فأرسل غصنا عن يسارك ، قال : فقمت فأخذت حجرا فكسرته وجشرته فانذلق (٢) لي ، فأتيت الشجرتين ، فقطعت من كلّ واحدة منهما غصنا ، ثم أقبلت أجرّهما ، حتى إذا قمت مقام النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أرسلت غصنا عن يميني وغصنا عن يساري ، ثم لحقت فقلت : قد فعلت يا رسول الله فعمّ ذاك؟ قال : «إنّي مررت بقبرين يعذّبان ، فأحببت بشفاعتي أن يرفّه عنهما ما دام الغصنان رطبين».
ثم ذكر حديثا طويلا ، وفيه إعواز النّاس الماء ، وأنّه أتاه بيسير ماء فوضع يده فيه في قصعة ، قال : فرأيت الماء يتفوّر من بين أصابعه ، فاستقى منه النّاس حتى رووا. أخرجه مسلّم (٣).
وقال الأعمش وغيره ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : بينما نحن في سفر مع النّبيّ صلىاللهعليهوسلم إذ حضرت الصّلاة ، وليس معنا ماء إلّا
__________________
(١) أي أعدوا وأجري. وفي المنتقى لابن الملا (فصرت أتأخّر) بدل (فخرجت أحضر) وهو يغاير ما في المصادر.
(٢) في حاشية الأصل : انذلق : صار له حدّ. وجشرته ـ بجيم ـ فلقته. وفي النهاية لابن الأثير في (باب الحاء) : حسرته ، يريد غصنا من أغصان الشجرة ، أي قشره بالحجر ، فانذلق : أي صار له حدّ يقطع.
(٣) صحيح مسلّم ، ٣٠٠٦ ، و ٣٠٠٧ و ٣٠٠٨ و ٣٠٠٩ و ٣٠١٠ و ٣٠١١ و ٣٠١٢ و ٣٠١٣ و ٣٠١٤ في الزهد ، باب حديث جابر الطويل وقصّة أبي اليسر ، ورواه مختصرا أبو نعيم في دلائل النبوّة ٢ / ١٣٩.