تأويلها ، إنّه لا يعرف تأويلها إلّا من عرفها ، فقيل له : إن كان الملك يريد هذا فليبعث إلى سطيح وشقّ (١) فإنّه ليس أحد أعلم منهما ، فبعث إليهما فقدم سطيح قبل شقّ ، فقال له : رأيت حممة (٢) خرجت من ظلمة (٣) ، فوقعت بأرض ، تهمة (٤) ، فأكلت منها كلّ ذات جمجمة.
قال : ما أخطأت منها شيئا ، فما تأويلها؟
فقال : أحلف بما بين الحرّتين من حنش ، ليهبطنّ أرضكم الحبش ، فليملكنّ ما بين أبين (٥) إلى جرش (٦).
فقال الملك : وأبيك يا سطيح إنّ هذا لنا لغائظ موجع ، فمتى هو كائن أفي زماني أم بعده؟
قال : بل بعده بحين ، أكثر من ستّين أو سبعين من السّنين ، ثم يقتلون ويخرجون هاربين.
قال : من يلي ذلك من إخراجهم؟
قال : يليه إرم ذي يزن ، يخرج عليهم من عدن فلا يترك أحدا باليمن.
__________________
(١) كان شق شقّ إنسان ، له يد واحدة ورجل واحدة وعين واحدة. (الروض الأنف ١ / ٢٧ ، وفيات الأعيان ٢ / ٢٣٠).
(٢) حممة : قطعة من نار.
(٣) ظلمة : أي ظلمة.
(٤) تهمة : منخفضة ، ومنه سمّيت تهامة.
(٥) أبين : ذكره سيبويه بكسر الهمزة على مثل إصبع ، وجوّز فيه الفتح ، وقال ابن ماكولا في الإكمال ١ / ٧ : «بفتح الهمزة وسكون الباء المعجمة ، بواحدة وفتح الباء المعجمة باثنتين من تحتها فهو أبين بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبإ إليه ينسب عدن أبين».
(٦) جرش : بضم الجيم وفتح الراء ، مدينة باليمن وولاية واسعة ومن مخاليفها من جهة مكة.
(معجم البلدان ٢ / ١٢٦).