قلت : وقد غزا المغيرة بالجيوش غير مرة في إمرته ، وحجّ بالناس سنة أربعين (١).
وقال جرير ، عن مغيرة قال : قال المغيرة بن شعبة لعلي : ابعث إلى معاوية عهده ، ثم بعد ذلك اخلعه ، فلم يفعل فاعتزله المغيرة بالطائف (٢) ، فلما اشتغل علي ومعاوية ، فلم يبعثوا إلى الموسم أحدا ، جاء المغيرة فصلّى بالناس ودعا لمعاوية.
قال الليث بن سعد : حجّ سنة أربعين ، لأنه كان منعزلا بالطائف ، فافتعل كتابا عام الجماعة بإمرة الموسم ، فقدم الحجّ يوما خشية أن يجيء أمير ، فتخلّف عنه ابن عمر ، وصار معظم الناس مع ابن عمر (٣).
قال الليث : قال نافع : لقد رأيتنا ونحن غادون من منى ، واستقبلونا مفيضين من جمع ، فأقمنا بعدهم ليلة.
وقال الزّهري : دعا معاوية عمرو بن العاص ، وهما بالكوفة ، فقال : يا أبا عبد الله أعنّي على الكوفة ، قال : فكيف بمصر؟ قال : استعمل عليها ابنك عبد الله ، قال : فنعم إذن ، فبينا هم على ذلك طوّقهم المغيرة بن شعبة ، وكان معتزلا بالطائف ، فناجاه معاوية ، فقال المغيرة له : تؤمّر عمرا على الكوفة وابنه على مصر ، وتكون كقاعدة بين لحيي الأسد! قال : فما ترى؟ قال : أنا أكفيك الكوفة ، قال : فافعل ، فقال معاوية لعمرو حين أصبح : يا أبا عبد الله إني قد رأيت أن أفعل بك ونستوحش إليك ، ففهمها عمرو فقال : ألا أدلّك على أمير الكوفة؟ قال : بلى ، قال : المغيرة بن شعبة ، واستعن برأيه وقوّته على المكيدة ، واعزل عنه المال ، كان من قبلك عمر وعثمان قد فعلا ذلك ، قال : نعم ما رأيت ، فدخل عليه المغيرة فقال : إني كنت أمّرتك على الجند
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ / ١٦٠ ، ومروج الذهب ٤ / ٣٩٨ ، والكامل في التاريخ ٣ / ٤٠٢ ، وشفاء الغرام بأخبار البلد الحرام ـ بتحقيقنا ـ ج ٢ / ٣٣٩ ، والأغاني ١٦ / ٨٧.
(٢) في الأصل «باليمن» والتصحيح من (طبقات ابن سعد) وغيره.
(٣) انظر : تاريخ الطبري ٥ / ١٦٠ ، والكامل في التاريخ ٣ / ٤٠٢ ، وشفاء الغرام ٢ / ٣٣٩.